Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 61, Ayat: 10-13)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ تُنجِيكُم } قرىء مخففاً ومثقلاً . و { تُؤْمِنُونَ } استئناف ، كأنهم قالوا كيف نعمل ؟ فقال تؤمنون ، وهو خبر في معنى الأمر ولهذا أجيب بقوله { يغفر لكم } وتدل عليه قراءة ابن مسعود آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا . فإن قلت لم جيء به على لفظ الخبر ؟ قلت للإيذان بوجوب الامتثال ، وكأنه امتثل فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين . ونظيره قول الداعي غفر الله لك ، ويغفر الله لك جعلت المغفرة لقوّة الرجاء ، كأنها كانت ووجدت . فإن قلت هل لقول الفراء أنه جواب { هَلْ أَدُلُّكُمْ } وجه ؟ قلت وجهه أن متعلق الدلالة هو التجارة ، والتجارة مفسرة بالإيمان والجهاد فكأنه قيل هل تتجرون بالإيمان والجهاد يغفر لكم ؟ فإن قلت فما وجه قراءة زيد بن علي رضي الله عنهما تؤمنوا … وتجاهدوا ؟ قلت وجهها أن تكون على إضمار لام الأمر ، كقوله @ مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ إذَا مَا خفت مِنْ أَمْرٍ تَبَالاَ @@ وعن ابن عباس أنهم قالوا لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لعملناه ، فنزلت هذه الآية ، فمكثوا ما شاء الله يقولون ليتنا نعلم ما هي ، فدلهم الله عليها بقوله { تُؤْمِنُونَ } وهذا دليل على أن { تُؤْمِنُونَ } كلام مستأنف ، وعلى أنّ الأمر الوارد على النفوس بعد تشوّف وتطلع منها إليه أوقع فيها وأقرب من قبولها له مما فوجئت به { ذَلِكُمْ } يعني ما ذكر من الإيمان والجهاد { خَيْرٌ لَّكُمْ } من أموالكم وأنفسكم . فإن قلت ما معنى قوله { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ؟ قلت معناه إن كنتم تعلمون أنه خير لكم كان خيراً لكم حينئذٍ لأنكم إذا علمتم ذلك واعتقدتموه أحببتم الإيمان والجهاد فوق ما تحبون أنفسكم وأموالكم ، فتخلصون وتفلحون { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا } ولكم إلى هذه النعمة المذكورة من المغفرة والثواب في الآجلة نعمة أخرى عاجلة محبوبة إليكم ، ثم فسرها بقوله { نَصْرٌ مّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } أي عاجل وهو فتح مكة . وقال الحسن فتح فارس والروم . وفي { تُحِبُّونَهَا } شيء من التوبيخ على محبة العاجل . فإن قلت علام عطف قوله { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ؟ قلت على { تُؤْمِنُونَ } لأنه في معنى الأمر ، كأنه قيل آمنوا وجاهدوا يثبكم الله وينصركم ، وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك . فإن قلت لم نصب من قرأ نصراً من الله وفتحاً قريباً ؟ قلت يجوز أن ينصب على الاختصاص . أو على تنصرون نصراً ، ويفتح لكم فتحاً . أو على يغفر لكم ويدخلكم جنات ، ويؤتكم أخرى نصراً من الله وفتحاً .