Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 6-7)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُواْ أَنفُسَكُمْ } بترك المعاصي وفعل الطاعات { وَأَهْلِيكُمْ } بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم . وفي الحديث 1212 " رحم الله رجلاً قال يا أهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعلّ الله يجمعهم معه في الجنة " وقيل إنّ أشد الناس عذاباً يوم القيامة من جهل أهله . وقرىء « وأهلوكم » ، عطفاً على واو { قُوۤاْ } وحسن العطف للفاصل . فإن قلت أليس التقدير قوا أنفسكم ، وليق أهلوكم أنفسهم ؟ قلت لا ، ولكن المعطوف مقارن في التقدير للواو ، وأنفسكم واقع بعده ، فكأنه قيل قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم لما جمعت مع المخاطب الغائب غلبته عليه ، فجعلت ضميرهما معاً على لفظ المخاطب { نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ } نوعاً من النار لا يتقد إلا بالناس والحجارة ، كما يتقد غيرها من النيران بالحطب . وعن ابن عباس رضي الله عنهما هي حجارة الكبريت ، وهي أشدّ الأشياء حراً إذا أوقد عليها . وقرىء « وقودها » بالضم ، أي ذو وقودها { عليها } يلي أمرها وتعذيب أهلها { مَلَـٰۤئِكَةٌ } يعني الزبانية التسعة عشر وأعوانهم { غِلاَظٌ شِدَادٌ } في أجرامهم غلظة وشدّة ، أي جفاء وقوّة . أو في أفعالهم جفاء وخشونة ، لا تأخذهم رأفة في تنفيذ أوامر الله والغضب له والانتقام من أعدائه { مَا أَمَرَهُمْ } في محل النصب على البدل ، أي لا يعصون ما أمر الله . أي أمره ، كقوله تعالى { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى } طه 93 أو لا يعصونه فيما أمرهم . فإن قلت أليست الجملتان في معنى واحد ؟ قلت لا ، فإنّ معنى الأولى أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ولا يأبونها ولا ينكرونها ، ومعنى الثانية أنهم يؤدون ما يؤمرون به لا يتثافلون عنه ولا يتوانون فيه . فإن قلت قد خاطب الله المشركين المكذبين بالوحي بهذا بعينه في قوله تعالى { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِى وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ } البقرة 24 وقال { أُعِدَّتْ لِلْكَـٰفِرِينَ } البقرة 24 فجعلها معدّة للكافرين ، فما معنى مخاطبته به بالمؤمنين ؟ قلت الفساق وإن كانت دركاتهم فوق دركات الكفار ، فإنهم مساكنون الكفار في دار واحدة فقيل للذين آمنوا قوا أنفسكم باجتناب الفسوق مساكنة الكفار الذين أعدت لهم هذه النار الموصوفة . ويجوز أن يأمرهم بالتوقي من الارتداد ، والندم على الدخول في الإسلام ، وأن يكون خطاباً للذين آمنوا بألسنتهم وهم المنافقون ويعضد ذلك قوله تعالى على أثره { يٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ 7 } أي يقال لهم ذلك عند دخولهم النار لا تعتذروا ، لأنه لا عذر لكم . أو لأنه لا ينفعكم الاعتذار .