Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 1-8)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلْحَاقَّةُ } الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء ، التي هي آتية لا ريب فيها . أو التي فيها حواق الأمور من الحساب والثواب والعقاب . أو التي تحق فيها الأمور ، أي تعرف على الحقيقة ، من قولك لا أحق هذا ، أي لا أعرف حقيقته . جعل الفعل لها وهو لأهلها وارتفاعها على الابتداء وخبرها { مَا ٱلْحَآقَّةُ2 } والأصل الحاقة ما هي ، أي أيّ شيء هي تفخيماً لشأنها وتعظيماً لهولها ، فوضع الظاهر موضع المضمر لأنه أهول لها { وَمَآ أَدْرَاكَ } وأيّ شيء أعلمك ما الحاقة ، يعني أنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها ، عى أنه من العظم والشدة بحيث لا يبلغه دراية أحد ولا وهمه ، وكيفما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك ، وما في موضع الرفع على الابتداء . و { أَدْرَاكَ } معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام . القارعة التي تقرع الناس بالأفزاع والأهوال ، والسماء بالانشقاق والإنفطار ، والأرض والجبال بالدك والنسف ، والنجوم بالطمس والانكدار . ووضعت موضع الضمير لتدل على معنى القرع . في الحاقة زيادة في وصف شدتها ولما ذكرها وفخمها أتبع ذكر من كذب بها وما حل بهم بسبب التكذيب ، تذكيراً لأهل مكة وتخويفاً لهم من عاقبة تكذيبهم { بِٱلطَّاغِيَةِ } بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة . واختلف فيها ، فقيل الرجفة . وعن ابن عباس الصاعقة . وعن قتادة بعث الله عليهم صيحة فأهمدتهم . وقيل الطاغية مصدر كالعافية ، أي بطغيانهم وليس بذاك لعدم الطباق بينها وبين قوله { بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } والصرصر الشديدة الصوت لها صرصرة . وقيل الباردة من الصر ، كأنها التي كرر فيها البرد وكثر فهي تحرق لشدة بردها { عَاتِيَةٍ } شديدة العصف والعتو استعارة . أو عتت على عاد ، فما قدروا على ردّها بحيلة ، من استتار ببناء ، أو لياذ بجبل ، أو اختفاء في حفرة فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم . وقيل عتت على خزانها ، فخرجت بلا كيل ولا وزن وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1222 " ما أرسل الله سفينة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من مطر إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم نوح ، فإنّ الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه السبيل " ، ثم قرأ { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَاء حَمَلْنَـٰكُمْ فِى ٱلْجَارِيَةِ } الحاقة 11 " وإن الريح يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل " ثم قرأ { بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } ولعلها عبارة عن الشدة والإفراط فيها . الحسوم لا يخلو من أن يكون جمع حاسم كشهود وقعود . أو مصدراً كالشكور والكفور فإن كان جمعاً فمعنى قوله { حُسُوماً } نحسات حسمت كل خير واستأصلت كل بركة . أو متتابعة هبوب الرياح ماخفتت ساعة حتى أتت عليهم تمثيلاً لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء ، مرة بعد أخرى حتى ينحسم . وإن كان مصدراً فإما أن ينتصب بفعله مضمراً ، أي تحسم حسوماً ، بمعنى تستأصل استئصالاً . أو يكون صفة كقولك ذات حسوم . أو يكون مفعولاً له ، أي سخرها للاستئصال . وقال عبد العزيز ابن زرارة الكلابي @ فَفَرَّقَ بَيْنَ بَيْنِهِمُ زَمَان تَتَابَعَ فِيهِ أَعْوَامٌ حُسُوم @@ وقرأ السدى « حسوماً » ، بالفتح حالاً من الريح ، أي سخرها عليهم مستأصلة . وقيل هي أيام العجوز وذلك أن عجوزاً من عاد توارت في سرب ، فانتزعتها الريح في اليوم الثامن فأهلكتها . وقيل هي أيام العجز ، وهي آخر الشتاء وأسماؤها الصن والصنبر ، والوبر . والآمر ، والمؤتمر ، والمعلل ، ومطفىء الجمر . وقيل مكفيء الظعن ومعنى { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ } سلطها عليهم كما شاء { فِيهَا } في مهابها . أو في الليالي والأيام . وقرىء « أعجاز نخيل » { مِّن بَاقِيَةٍ } من بقية أو من نفس باقية . أو من بقاء ، كالطاغية بمعنى الطغيان .