Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 182-185)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الاستدراج استفعال من الدرجة بمعنى الاستصعاد ، أو الاستنزال درجة بعد درجة . قال الأعشى @ فَلَوْ كُنْتَ فِي جُبٍّ ثَمَانِينَ قَامَةً وَرَقِيتَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّم لَيَسْتَدرِجَنَّكَ الْقَوْلُ حَتَّى تَهَرَّه وَتَعْلَمَ أَنِي عَنْكُمْ غَيْرَ مُفْحَمِ @@ ومنه درج الصبي إذا قارب بين خطاه . وأدرج الكتاب طواه شيئاً بعد شيء . ودرج القوم مات بعضهم في أثر بعض . ومعنى { سَنَسْتَدْرِجُهُم } سنستدينهم قليلاً قليلاً إلى ما يهلكهم ويضاعف عقابهم { مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } ما يراد بهم ، وذلك أن يواتر الله نعمه عليهم مع أنهماكهم في الغيّ . فكلّما جدّد عليهم نعمة ازدادوا بطراً وجدّدوا معصية ، فيتدرّجون في المعاصي بسبب ترادف النعم ، ظانين أنّ مواترة النعم أثرة من الله وتقريب ، وإنما هي خذلان منه وتبعيد ، فهو استدراج الله تعالى ، نعوذ بالله منه { وَأُمْلِى لَهُمْ } عطف على { سَنَسْتَدْرِجُهُم } وهو داخل في حكم السين { إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ } سماه كيداً لأنه شبيه بالكيد ، من حيث أنه في الظاهر إحسان وفي الحقيقة خذلان { مَا بِصَاحِبِهِم } بمحمد صلى الله عليه وسلم { مّن جِنَّةٍ } من جنون ، وكانوا يقولون شاعر مجنون . وعن قتادة 403 أنّ النبي صلى الله عليه وسلم علا الصفا فدعاهم فخذاً فخذاً يحذرهم بأس الله ، فقال قائلهم إن صاحبكم هذا لمجنون ، بات يصوِّت إلى الصباح { أَوَلَمْ يَنظُرُواْ } نظر استدلال { فِى مَلَكُوتِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } فيما تدلاّن عليه من عظم الملك . والملكوت الملك العظيم { وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَىْء } وفيما خلق الله مما يقع عليه اسم الشيء ومن أجناس لا يحصرها العدد ولا يحيط بها الوصف { وَأَنْ عَسَىٰ } أن مخففة من الثقيلة ، والأصل أنه عسى ، على أن الضمير ضمير الشأن . والمعنى أو لم ينظروا في أنّ الشأن والحديث عسى { أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ } ولعلهم يموتون عما قريب ، فيسارعوا إلى النظر وطلب الحق وما ينجيهم . قبل مغافصة الأجل وحلول العقاب ويجوز أن يراد باقتراب الأجل اقتراب الساعة ، ويكون من « كان » التي فيها ضمير الشأن . فإن قلت بم يتعلق قوله { فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } ؟ قلت بقوله { عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ } كأنه قيل لعلّ أجلهم قد اقترب ، فما لهم لا يبادرون إلى الإيمان بالقرآن قبل الفوت ، وماذا ينتظرون بعد وضوح الحقِّ ، وبأيّ حديث أحقّ منه يريدون أن يؤمنوا .