Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 187-187)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَسْـئَلُونَكَ } قيل إن قوماً من اليهود قالوا يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبياً ، فإنا نعلم متى هي ، وكان ذلك امتحاناً منهم ، مع علمهم أن الله تعالى قد استأثر بعلمها . وقيل السائلون قريش . و { ٱلسَّاعَةَ } من الأسماء الغالبة ، كالنجم للثريا . وسميت القيامة بالساعة ، لوقوعها بغتة أو لسرعة حسابها ، أو على العكس لطولها ، أو لأنها عند الله على طولها كساعة من الساعات عند الخلق . { أَيَّانَ } بمعنى متى . وقيل اشتقاقه من أيّ فعلان منه ، لأنّ معناه أيّ وقت وأيّ فعل ، من أويت إليه ، لأنّ البعض آو إلى الكل متساند إليه ، قاله ابن جني ، وأبى أن يكون من « أين » لأنّه زمان ، « وأين » مكان . وقرأ السلمي « إيان » بكسر الهمزة { مُرْسَـٰهَا } إرساؤها ، أو وقت إرسائها أي إثباتها وإقرارها . وكل شيء ثقيل رسّوه ثباته واستقراره . ومنه رسي الجبل وأرسي السفينة . والمرسى الأنجر الذي ترسى به ، ولا أثقل من الساعة ، بدليل قوله { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } والمعنى حتىٰ يرسيها الله { إِنَّمَا عِلْمُهَا } أي علم وقت إرسائها عنده قد استأثر به ، ولم يخبر به أحداً من ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، يكاد يخفيها من نفسه ، ليكون ذلك أدعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية كما أخفى الأجل الخاص وهو وقت الموت لذلك { لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ } أي لا تزال خفية ، لا يظهر أمرها ولا يكشف خفاء علمها إلاّ هو وحده إذا جاء في وقتها بغتة ، لا يجليها بالخبر عنها قبل مجيئها أحد من خلقه ، لاستمرار الخفاء بها على غيره إلى وقت وقوعها { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ } أي كل من أهلها من الملائكة والثقلين أهمه شأن الساعة ، وبودّه أن يتجلى له علمها وشقّ عليه خفاؤها وثقل عليه . أو ثقلت فيها لأن أهلها يتوقعونها ويخافون شدائدها وأهوالها . أو لأنّ كل شيء لا يطيقها ولا يقوم لها فهي ثقيلة فيها { إِلاَّ بَغْتَةً } إلاّ فجأة على غفلة منكم . وعن النبي صلى الله عليه وسلم 404 " إنَّ الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته ، والرجل يقوّم سلعته في سوقه ، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه " { كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا } كأنك عالم بها . وحقيقته كأنك بليغ في السؤال عنها ، لأنّ من بالغ في المسألة عن الشيء والتنقير عنه ، استحكم فيه ورصن وهذا التركيب معناه المبالغة . ومنه إحفاء الشارب . إحتفاء البقل استئصاله . وأحفى في المسألة ، إذا ألحف وحفي بفلان وتحفى به بالغ في البرّ به . وعن مجاهد استحفيت عنها السؤال حتى علمت . وقرأ ابن مسعود « كأنك حفيّ بها » أي عالم بها بليغ في العلم بها . وقيل { عَنْهَا } متعلق بيسئلونك أي يسئلونك عنها كأنك حفيّ أي عالم بها . وقيل إن قريشاً قالوا له إن بيننا وبينك قرابة ، فقل لنا متى الساعة ؟ فقيل يسئلونك عنها كأنك حفيّ تتحفى بهم فتختصهم بتعليم وقتها لأجل القرابة وتزوي علمها عن غيرهم ، ولو أخبرت بوقتها لمصلحة عرفها الله في إخبارك به ، لكنت مبلغه القريب والبعيد من غير تخصيص ، كسائر ما أوحي إليك . وقيل كأنك حفيّ بالسؤال عنها تحبه وتؤثره ، يعني أنك تكره السؤال عنها لأنها من علم الغيب الذي استأثر الله به ولم يؤته أحداً من خلقه . فإن قلت لم كرر يسئلونك وإنما علمها عند الله ؟ قلت للتأكيد ، ولما جاء به من زيادة قوله { كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا } وعلى هذا تكرير العلماء الحذاق في كتبهم لا يخلون المكرر من فائدة زائدة ، منهم محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمهما الله { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أنه العالم بها ، وأنه المختص بالعلم بها .