Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 19-22)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَعَلَّمَ ءادَمَ } وقلنا يا آدم . وقرىء « هذي الشجرة » والأصل الياء ، والهاء بدل منها ، ويقال وسوس ، إذا تكلم كلاماً خفياً يكرره . ومنه وسوس الحليّ ، وهو فعل غير متعدّ ، كولولت المرأة ووعوع الذئب ، ورجل موسوس - بكسر الواو - ولا يقال موسوس بالفتح ، ولكن موسوس له ، وموسوس إليه ، وهو الذي تلقى إليه الوسوسة . ومعنى وسوس له فعل الوسوسة لأجله ، ووسوس إليه ألقاها إليه { لِيُبْدِيَ } جعل ذلك غرضاً له ليسوءهما إذا رأيا ما يؤثران ستره ، وأن لا يطلع عليه مكشوفاً . وفيه دليل على أن كشف العورة من عظائم الأمور ، وأنه لم يزل مستهجناً في الطباع مستقبحاً في العقول . فإن قلت ما للواو المضمومة في { وُورِيَ } لم تقلب همزة كما قلبت في أو يصل ؟ قلت لأن الثانية مدّة كألف وارى . وقد جاء في قراءة عبد الله « أورى » بالقلب { إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ } إلاّ كراهة أن تكونا ملكين . وفيه دليل على أن الملكية بالمنظر الأعلى ، وأن البشرية تلمح مرتبتها كلا ولا . وقرىء « ملكين » بكسر اللام ، كقوله { وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } طه 120 . { مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ } من الذين لا يموتون ويبقون في الجنة ساكنين . وقرىء « من سوأتهما » ، بالتوحيد ، « وسوَّاتهما » ، بالواو المشددة { وَقَاسَمَهُمَا } وأقسم لهما { إِنّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ } . فإن قلت المقاسمة أن تقسم لصاحبك ويقسم لك تقول قاسمت فلاناً حالفته ، وتقاسما تحالفا . ومنه قوله تعالى { تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيّتَنَّهُ } النمل 49 . قلت كأنه قال لهما أقسم لكما إني لمن الناصحين ، وقالا له أتقسم بالله إنك لمن الناصحين ، فجعل ذلك مقاسمة بينهم . أو أقسم لهما بالنصحية وأقسما له بقبولها . أو أخرج قسم إبليس على زنة المفاعلة ، لأنه اجتهد فيه اجتهاد المقاسم { فَدَلَّـٰهُمَا } فنزّلهما إلى الأكل من الشجرة { بِغُرُورٍ } بما غرّهما به من القسم بالله . وعن قتادة وإنما يخدع المؤمن بالله . وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا رأى من عبده طاعة وحسن صلاة أعتقه ، فكان عبيده يفعلون ذلك طلباً للعتق ، فقيل له إنهم يخدعونك ، فقال من خدعنا بالله انخدعنا له { فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ } وجدا طعمها آخذين في الأكل منها . وقيل الشجرة هي السنبلة . وقيل شجرة الكرم { بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَٰتُهُمَا } أي تهافت عنهما اللباس فظهرت لهما عوراتهما ، وكانا لا يريانها من أنفسهما ، ولا أحدهما من الآخر . وعن عائشة رضي الله عنها 388 ما رأيت منه ولا رأى مني . وعن سعيد بن جبير كان لباسهما من جنس الأظفار . وعن وهب كان لباسهما نوراً يحول بينهما وبين النظر . ويقال طفق يفعل كذا ، بمعنى جعل يفعل كذا . وقرأ أبو السَّمَّال « وطفقا » بالفتح { يَخْصِفَانِ } ورقة فوق ورقة على عوراتهما ليستترا بها ، كما يخصف النعل ، بأن تجعل طرقة على طرقة وتوثق بالسيور . وقرأ الحسن « يخصفان » بكسر الخاء وتشديد الصاد ، وأصله يختصفان . وقرأ الزهري « يُخصفان » ، من أخصف ، وهو منقول من خصف أي يخصفان أنفسهما وقرىء « يخصفان » من خصف بالتشديد { مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } قيل كان ورق التين { أَلَمْ أَنْهَكُمَا } عتاب من الله تعالى وتوبيخ وتنبيه على الخطأ ، حيث لم يتحذرا ما حذرهما الله من عداوة إبليس وروي أنه قال لآدم ألم يكن لك فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة ؟ فقال بلى وعزتك ، ولكن ما ظننت أنّ أحداً من خلقك يحلف بك كاذباً . قال فبعزّتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلاّ كدّاً . فأهبط وعلم صنعة الحديد ، وأمر بالحرث فحرث وسقى وحصد وداس وذرى وطحن وعجن وخبز .