Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 88-89)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي ليكوننّ أحد الأمرين إمّا إخراجكم وإمّا عودكم في الكفر . فإن قلت كيف خاطبوا شعيباً عليه السلام بالعود في الكفر في قولهم { أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا } وكيف أجابهم بقوله { إِنْ عُدْنَا فِى مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا } والأنبياء عليهم السلام لا يجوز عليهم من الصغائر إلاّ ما ليس فيه تنفير ، فضلاً عن الكبائر ، فضلاً عن الكفر ؟ قلت لما قالوا { لَنُخْرِجَنَّكَ يـٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَكَ } فعطفوا على ضميره الذين دخلوا في الإيمان منهم بعد كفرهم قالوا { لَتَعُودُنَّ } فغلبوا الجماعة على الواحد ، فجعلوهم عائدين جميعاً ، إجراءً للكلام على حكم التغليب . وعلى ذلك أجرى شعيب عليه السلام جوابه فقال { إِنْ عُدْنَا فِى مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا } وهو يريد عود قومه ، إلاّ أنه نظم نفسه في جملتهم وإن كان بريئاً من ذلك إجراء لكلامه على حكم التغليب . فإن قلت فما معنى قوله { وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلا أَن يَشَاء ٱللَّهُ } والله تعالى متعال أن يشاء ردّة المؤمنين وعودهم في الكفر ؟ قلت معناه إلاّ أن يشاء الله خذلاننا ومنعنا الألطاف ، لعلمه أنها لا تنفع فينا وتكون عبثاً . والعبث قبيح لا يفعله الحكيم ، والدليل عليه قوله { وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْء عِلْمًا } أي هو عالم بكل شيء مما كان وما يكون ، فهو يعلم أحوال عباده كيف تتحوّل ، وقلوبهم كيف تتقلب وكيف تقسو بعد الرقة ، وتمرض بعد الصحة ، وترجع إلى الكفر بعد الإيمان { عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } في أن يثبتنا على الإيمان ويوفقنا لازدياد الإيقان . ويجوز أن يكون قوله { إِلاَّ أَن يَشَاء ٱللَّهُ } حسماً لطمعهم في العود ، لأن مشيئة الله لعودهم في الكفر محال خارج عن الحكمة { أَوَلوْ كُنَّا كَـٰرِهِينَ } الهمزة للاستفهام ، والواو واو الحال ، تقديره أتعيدوننا في ملتكم في حال كراهتنا ، ومع كوننا كارهين . وما يكون لنا ، وما ينبغي لنا . وما يصحّ لنا { رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا } احكم بيننا . والفتاحة الحكومة ، أو أظهر أمرنا حتى يتفتح ما بيننا { وَبَيْنَ قَوْمِنَا } وينكشف بأن تنزل عليهم عذاباً يتبين معه أنهم على الباطل { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَـٰتِحِينَ } كقوله { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَـٰكِمِينَ } يونس 159 . فإن قلت كيف أسلوب قوله { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِى مِلَّتِكُمْ } ؟ قلت هو إخبار مقيد بالشرط ، وفيه وجهان ، أحدهما أن يكون كلاماً مستأنفاً فيه معنى التعجب ، كأنهم قالوا ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر بعد الإسلام . لأنّ المرتد أبلغ في الافتراء من الكافر ، لأنّ الكافر مفتر على الله الكذب . حيث يزعم أن لله نداً ولا ندّ له . والمرتدّ مثله في ذلك وزائد عليه ، حيث يزعم أنه قد تبين له ما خفي عليه من التمييز بين الحق والباطل . والثاني أن يكون قسماً على تقدير حذف اللام ، بمعنى والله لقد افترينا على الله كذباً .