Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرىء « أحى » وأصله وحي يقال أوحي إليه ووحى إليه ، فقلبت الواو همزة ، كما يقال أعد وأزن { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقّتَتْ } المرسلات 11 ، وهو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة وقد أطلقه المازني في المكسورة أيضاً كإشاح وإسادة ، وإعاء أخيه ، وقرأ ابن أبي عبلة « وحى » على الأصل { أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ } بالفتح ، لأنه فاعل أوحى . وإنا سمعنا بالكسر لأنه مبتدأ محكي بعد القول ، ثم تحمل عليهما البواقي ، فما كان من الوحي فتح ، وما كان من قول الجنّ كسر وكلهن من قولهم إلا الثنتين الأخريين { وَأَنَّ ٱلْمَسَـٰجِدَ } الجن 18 ، { وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ } الجن 19 ، ومن فتح كلهنّ فعطفاًعلى محل الجار والمجرور في آمنا به ، كأنه قيل صدقناه وصدقنا أنه تعالى جد ربنا ، وأنه كان يقول سفيهنا ، وكذلك البواقي { نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ } جماعة منهم ما بين الثلاثة إلى العشرة . وقيل كانوا من الشيصبان ، وهم أكثر الجنّ عدداً وعامة جنود إبليس منهم { فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا } أي قالوا لقومهم حين رجعوا إليهم ، كقوله { فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ 29 قَالُواْ يَٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـٰباً } الأحقاف 29 ـــ 30 ، { عَجَبًا } بديعاً مباينا لسائر الكتب في حسن نظمه وصحة معانيه ، قائمة فيه دلائل الإعجاز . وعجب مصدر يوضع موضع العجيب . وفيه مبالغة وهو ما خرج عن حد أشكاله ونظائره { يَهْدِىۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ } يدعو إلى الصواب . وقيل إلى التوحيد والإيمان . والضمير في { بِهِ } للقرآن ولما كان الإيمان به إيماناً بالله وبوحدانيته وبراءة من الشرك قالوا { وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } أي ولن نعود إلى ما كنا عليه من الإشراك به في طاعة الشيطان . ويجوز أن يكون الضمير لله عز وجل لأنّ قوله { بِرَبِّنَا } يفسره { جَدُّ رَبِّنَا } عظمته من قولك جدّ فلان في عيني ، أي عظم . وفي حديث عمر رضي اللَّه عنه كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا . وروي في أعيننا . أو ملكه وسلطانه أو غناه ، استعارة من الجد الذي هو الدولة والبخت لأن الملوك والأغنياء هم المجدودون والمعنى وصفه بالتعالي عن الصاحبة والولد لعظمته . أو لسلطانه وملكوته أو لغناه . وقوله { مَا ٱتَّخَذَ صَـٰحِبَةً وَلاَ وَلَداً } بيان لذلك . وقرىء « جدّا ربنا » على التمييز و « جدّ ربنا » بالكسر ، أي صدق ربوبيته وحق إلهيته عن اتخاذ الصاحبة والولد ، وذلك أنهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والإيمان ، تنبهوا على الخطأ فيما اعتقده كفرة الجنّ من تشبيه الله بخلقه واتخاذه صاحبة وولداً ، فاستعظموه ونزهوه عنه . سفيههم إبليس لعنه الله أو غيره من مردة الجن . والشطط مجاوزة الحدّ في الظلم وغيره . ومنه أشط في السوم ، إذا أبعد فيه ، أي يقول قولا هو في نفسه شطط لفرط ما أشطَّ فيه ، وهو نسبة الصاحبة والولد إلى الله ، وكان في ظننا أنّ أحداً من الثقلين لن يكذب على الله ولن يفتري عليه ما ليس بحق ، فكنا نصدّقهم فيم أضافوا إليه من ذلك ، حتى تبين لنا بالقرآن كذبهم وافتراؤهم { كَذِبًا } قولاً كذباً ، أي مكذوباً فيه . أو نصب نصب المصدر لأنّ الكذب نوع من القول . ومن قرأ « أن لن تقوّل » وضع كذباً موضع تقوّلا ، ولم يجعله صفة لأنّ التقوّل لا يكون إلا كذباً .