Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 29-30)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فُرْقَانًا } نصراً لأنه يفرق بين الحق والباطل وبين الكفر بإذلال حزبه ، والإسلام بإعزاز أهله . ومنه قوله تعالى { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } الأنفال 41 أو بياناً وظهوراً يشهر أمركم ويبث صيتكم وآثاركم في أقطار الأرض ، من قولهم « بتّ أفعل كذا » حتى سطع الفرقان أي طلع الفجر . أو مخرجاً من الشبهات وتوفيقاً وشرحاً للصدور . أو تفرقة بينكم وبين غيركم من أهل الأديان ، وفضلاً ومزية في الدنيا والآخرة . { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَٰكِرِينَ } لما فتح الله عليه ، ذكره مكر قريش به حين كان بمكة ، ليشكر نعمة الله عز وجل في نجاته من مكرهم واستيلائه عليهم وما أتاح الله له من حسن العاقبة ، والمعنىواذكرإذ يمكرون بك وذلك 422 أن قريشاً - لما أسلمت الأنصار وبايعوه - فرِقوا أن يتفاقم أمره ، فاجتمعوا في دار الندوى متشاورين في أمره ، فدخل عليهم إبليس في صورة شيخ وقال أنا شيخ من نجد ، ما أنا من تهامة دخلت مكة فسمعت باجتماعكم ، فأردت أن أحضركم ولن تعدموا غير كوّة تلقون إليه طعامه وشرابه منها وتتربصوا به ريب المنون . فقال إبليس بئس الرأي يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلصه من أيديكم . فقال هشام بن عمرو رأيي أن تحملوه على جمل وتخرجوه من بين أظهركم فلا يضركم ما صنع واسترحتم . فقال إبليس بئس الرأي يفسد قوما غيركم ويقاتلكم بهم . فقال أبو جهل أنا أرى أن تأخذوا من كل بطن غلاما وتعطوه سيفا صارما ، فيضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل ، فلا يقوىٰ بنو هاشم على حرب قريش كلهم ، فإذا طلبوا العقل عقلناهم واسترحنا . فقال الشيخ - لعنه الله - صدق هذا الفتىٰ ، هو أجودكم رأيا . فتفرقوا على رأي أبي جهل مجتمعين على قتله . فأخبر جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن لا يبيت في مضجعه ، وأذن الله له في الهجرة ، فأمر علياً رضي الله عنه فنام في مضجعه ، وقال له اتّشح ببردتي ، فإنه لن يخلص إليك أمر تكرهه ، وباتوا مترصدين ، فلما أصبحوا ثاروا إلى مضجعه ، فأبصروا علياً فبهتوا وخيب الله عز وجل سعيهم ، واقتصوا أثره فأبطل الله مكرهم { ليثبتوك } ليسجنوك أو يوثقوك أو يثخنوك بالضرب والجرح ، من قولهم ضربوه حتى أثبتوه لا حراك به ولا براح ، وفلان مثبت وجعاً . وقرىء ليثبتوك ، بالتشديد . وقرأ النخعي ليثبتوك ، ومن البيات . وعن ابن عباس ليقيدوك ، وهو دليل لمن فسره بالإيثاق { وَيَمْكُرُونَ } ويخفون المكايد له { وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ } ويخفي الله ما أعد لهم حتى يأتيهم بغتة { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَـٰكِرِينَ } أي مكره أنفذ من مكر غيره وأبلغ تأثيراً ، أو لأنه لا ينزل إلا ما هو حق وعدل ولا يصيب إلا بما هو مستوجب .