Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 62-63)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ } فإن محسبك الله قال جرير @ إنِّي وَجَدّتُ مِنَ الْمَكَارِمِ حَسْبَكُم أَنْ تَلْبَسُوا خَزَّ الثِّيَابِ وَتَشْبَعُوا @@ { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } التأليف بين قلوب من بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآيات الباهرة ، لأنّ العرب - لما فيهم من الحمية والعصبية ، والإنطواء على الضغينة في أدنى شىء وإلقائه بين أعينهم إلى أن ينتقموا - لا يكاد يأتلف منهم قلبان ، ثم ائتلفت قلوبهم على اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واتحدوا ، وأنشؤا يرمون عن قوس واحدة ، وذلك لما نظم الله من ألفتهم وجمع من كلمتهم ، وأحدث بينهم من التحاب والتوادّ ، وأماط عنهم من التباغض والتماقت ، وكلفهم من الحب في الله والبغض في الله ، ولا يقدر على ذلك إلا من يملك القلوب . فهو يقلبها كما شاء . ويصنع فيها ما أراد ، وقيل هم الأوس والخزرج ، كان بينهم من الحروب والوقائع ما أهلك سادتهم ورؤسائهم ودق جماجمهم ، ولم يكن لبغضائهم أمد ومنتهى ، وبينهما التجاور الذي يهيج الضغائن ويديم التحاسد والتنافس ، وعادة كل طائفتين كانتا بهذه المثابة أن تتجنب هذه ما آثرته أختها وتكرهه وتنفر عنه ، فأنساهم الله تعالى ذلك كله حتى اتفقوا على الطاعة وتصافوا وصاروا أنصاراً وعادوا أعواناً ، وما ذاك إلا بلطيف صنعه وبليغ قدرته .