Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 67-68)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقرىء « للنبي » ، على التعريف وأسارى . ويثخن ، بالتشديد . ومعنى الإثخان كثرة القتل والمبالغة فيه ، من قولهم أثخنته الجراحات إذا أثبتته حتى تثقل عليه الحركة . وأثخنه المرض إذا أثقله من الثخانة التي هي الغلظ والكثافة ، يعني حتى يذل الكفر ويضعفه بإشاعة القتل في أهله ، ويعز الإسلام ويقويه بالاستيلاء والقهر . ثم الأسر بعد ذلك . ومعنى { مَا كَانَ } ما صح له وما استقام ، وكان هذا يوم بدر ، فلما كثر المسلمون نزل { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء } محمد 4 وروي 432 أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتي بسبعين أسيراً فيهم العباس عمه وعقيل بن أبي طالب ، فاستشار أبا بكر رضي الله عنه فيهم فقال قومك وأهلك استبقهم لعلّ الله أن يتوب عليهم ، وخذ منهم فدية تقوي بها أصحابك . وقال عمر رضي الله عنه كذبوك وأخرجوك فقدّمهم واضرب أعناقهم ، فإنّ هؤلاء أئمة الكفر ، وإن الله أغناك عن الفداء مكن علياً من عقيل ، وحمزة من العباس ، ومكني من فلان لنسيب له ، فلنضرب أعناقهم . فقال صلى الله عليه وسلم " إنّ الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن ، وإن الله ليشدّد قلوب رجال حتى تكون أشدّ من الحجارة ، وإنّ مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال " { فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } إبراهيم 36 " ومثلك يا عمر مثل نوح ، قال " { رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلاْرْضِ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ دَيَّاراً } نوح 26 ثم قال لأصحابه " أنتم اليوم عالة فلا يفلتن أحد منكم إلا بفداء أو ضرب عنق " وروي أنه قال لهم 433 إن شئتم قتلتموهم ، وإن شئتم فاديتموهم ، واستشهد منكم بعدّتهم ، فقالوا بل نأخذ الفداء ، فاستشهدوا بأحد ، وكان فداء الأسارى عشرين أوقية ، وفداء العباس أربعين أوقية . وعن محمد بن سيرين كان فداؤهم مائة أوقية ، والأوقية أربعون درهماً وستة دنانير . وروي 434 أنهم لما أخذوا الفداء نزلت الآية ، فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو وأبو بكر يبكيان فقال يا رسول الله أخبرني ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت ، فقال أبكي على أصحابك في أخذهم الفداء ، ولقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة منه - وروى أنه قال 435 لو نزل عذاب من السماء لما نجا منه غير عمر وسعد بن معاذ ، رضي الله عنهما ، لقوله كان الإثخان في القتل أحب إليّ { عَرَضَ ٱلدُّنْيَا } حطامها ، سمى بذلك لأنه حدث قليل اللبث ، يريد الفداء { وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلأَخِرَةَ } يعني ما هو سبب الجنة من إعزاز الإسلام بالإثخان في القتل وقرىء « يريدون » ، بالياء وقرأ بعضهم « والله يريد الآخرة » بجرّ الآخرة على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على حاله كقوله @ أَكُلَّ امْرِىءٍ تَحْسبِينَ امْرَأ وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارَاً @@ ومعناه والله يريد عرض الآخرة . على التقابل ، يعني ثوابها { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } يغلب أولياءه على أعدائه ويتكنون منهم قتلاً وأسراً ويطلق لهم الفداء ، ولكنه { حَكِيمٌ } يؤخر ذلك إلى أن يكثروا ويعزوا وهم يعجلون { لَّوْلاَ كِتَـٰبٌ مّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ } لولا حكم منه سبق إثباته في اللوح وهو أنه لا يعاقب أحد بخطأ ، وكان هذا خطأ في الاجتهاد لأنهم نظروا في أن استبقاءهم ربما كان سبباً في إسلامهم وتوبتهم ، وأن فداءهم يتقوى به على الجهاد في سبيل الله ، وخفي عليهم أن قتلهم أعز للإسلام وأهيب لمن وراءهم وأفل لشوكتهم . وقيل كتابه أنه سيحل لهم الفدية التي أخذوها . وقيل إن أهل بدر مغفور لهم . وقيل إنه لا يعذب قوماً إلا بعد تأكيد الحجة وتقديم النهي ، ولم يتقدم نهي عن ذلك { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ } روي أنهم أمسكوا عن الغنائم ولم يمدّوا أيديهم إليها ، فنزلت . وقيل هو إباحة للفداء ، لأنه من جملة الغنائم { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } فلا تقدموا على شيء لم يعهد إليكم فيه .