Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 80, Ayat: 1-10)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

2268 أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أمّ مكتوم - وأمّ مكتوم أمّ أبيه ، واسمه عبد الله بن شريح بن مالك ابن ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤي - وعنده صناديد قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو جهل بن هشام . والعباس ابن عبد المطلب ، وأمية بن خلف ، والوليد بن المغيرة ، يدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم - فقال يا رسول اللَّه ، أقرئني وعلمني مما علمك الله ، وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغله بالقوم ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعه لكلامه ، وعبس وأعرض عنه ، فنزلت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمه ويقول إذا رآه مرحباً بمن عاتبني فيه ربي ، ويقول له هل لك من حاجة ؟ واستخلفه على المدينة مرتين وقال أنس رأيته يوم القادسية وعليه درع وله راية سوداء . وقرىء « عبس » بالتشديد للمبالغة ونحوه كلح في كلح { أَن جَآءَهُ } منصوب بتولى ، أو بعبس ، على اختلاف المذهبين . ومعناه عبس ، لأن جاءه الأعمى . أو أعرض لذلك . وقرىء « ءاأن جاءه » بهمزتين وبألف بينهما ، ووقف على { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } ثم ابتديء ، على معنى ألأن جاءه الأعمى فعل ذلك إنكاراً عليه . وروى أنه ما عبس بعدها في وجه فقير قط ، ولا تصدى لغني . وفي الإخبار عما فرط منه ، ثم الإقبال عليه بالخطاب دليل على زيادة الإنكار ، كمن يشكو إلى الناس جانباً جنى عليه ، تم يقبل على الجاني إذا حمى في الشكاية مواجهاً له بالتوبيخ وإلزام الحجة . وفي ذكر الأعمى نحو من ذلك ، كأنه يقول قد استحق عنده العبوس والإعراض لأنه أعمى ، وكان يجب أن يزيده لعماه تعطفا وترؤفاً وتقريباً وترحيباً ، ولقد تأدّب الناس بأدب الله في هذا تأدباً حسناً فقد روي عن سفيان الثوري رحمه الله أنّ الفقراء كانوا في مجلسه أمراء { وَمَا يُدْرِيكَ } وأي شيء يجعلك دارياً بحال هذا الأعمى ؟ { لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰۤ } أي يتطهر بما يتلقن من الشرائع من بعض أوضار الإثم { أَوْ يَذَّكَّرُ } أو يتعظ { فَتَنفَعَهُ } ذكراك ، أي موعظتك وتكون له لطفاً في بعض الطاعات . والمعنى أنك لا تدري ما هو مترقب منه ، من تزكّ أو تذكر ، ولو دريت لما فرط ذلك منك . وقيل الضمير في { لَعَلَّهُ } للكافر . يعني أنك طمعت في أن يتزكى بالإسلام ، أو يتذكر فتقرّبه الذكرى إلى قبول الحق وما يدريك أن ما طمعت فيه كائن . وقرىء « فتنفعه » ، بالرفع عطفاً على يذكر . وبالنصب جواباً للعلّ ، كقوله { فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ } غافر 37 ، { تَصَدَّىٰ } تتعرض بالإقبال عليه ، والمصاداة ، المعارضة وقرىء « تصدى » بالتشديد ، بإدغام التاء في الصاد . وقرأ أبو جعفر « تصدى » ، بضم التاء ، أي تعرّض . ومعناه يدعوك داع إلى التصدي له من الحرص والتهالك على إسلامهُ ، وليس عليك بأس في أن لا يتزكى بالإسلام { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ } الشورى 48 ، { يَسْعَىٰ } يسرع في طلب الخير { وَهُوَ يَخْشَىٰ } الله أو يخشى الكفار ، وأذاهم في إتيانك . وقيل جاء وليس معه قائد ، فهو يخشى الكبوة { تَلَهَّىٰ } تتشاغل ، من لهى عنه . والتهى . وتلهى . وقرأ طلحة بن مصرف « تتلهى » ، وقرأ أبو جعفر « تلهى » أي يلهيك شأن الصناديد ، فإن قلت قوله { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } ، فأنت عنه تلهى كأن فيه اختصاصاً قلت نعم ، ومعناه إنكار التصدي والتلهي عليه ، أي مثلك خصوصاً لا ينبغي له أن يتصدى للغنيّ ويتلهى عن الفقير .