Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 88, Ayat: 1-1)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلْغَـٰشِيَةِ } الداهية التي تغشى الناس بشدائدها وتلبسهم أهوالها . يعني القيامة ، من قوله { يَوْمَ يَغْشَـٰهُمُ ٱلْعَذَابُ } العنكبوت 55 ، وقيل النار ، من قوله { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ } إبراهيم 50 ، { وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } الأعراف 41 ، { يَوْمَئِذٍ } يوم إذ غشيت { خَـٰشِعَةٌ } ذليلة { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } تعمل في النار عملاً تتعب فيه ، وهو جرها السلاسل والأغلال ، وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل ، وارتقاؤها دائبة في صعود من نار ، وهبوطها في حدور منها . وقيل عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها وتنعمت ، فهي في نصب منها في الآخرة ، وقيل عملت ونصبت في أعمال لا تجدي عليها في الآخرة . من قوله { وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ } الفرقان 23 . { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } الكهف 104 ، { أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ } آل عمران 22 ، وقيل هم أصحاب الصوامع ، ومعناه أنها خشعت لله وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب ، والتهجد الواصب وقرىء « عاملة ناصبة » على الشتم . قرىء « تصلى » بفتح التاء . وتصلى بضمها . وتصلى بالتشديد . وقيل المصلى عند العرب أن يحفروا حفيراً فيجمعوا فيه جمراً كثيراً ، ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه ، فأما ما يشوى فوق الجمر أو على المقلى أو في التنور ، فلا يسمى مصلياً { ءانِيَةٍ } متناهية في الحرّ ، كقوله { وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ } الرحمٰن 44 الضريع يبيس الشبرق ، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطباً ، فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل قال أبو ذؤيب @ رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إذَا ذَوَى وَعَادَ ضَرِيعاً بَانَ عَنْهُ النَّحَائِصُ @@ وقال @ وَحُبِسَ فِي هَزْمِ الضِّرِيعِ فَكُلْهَا حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ @@ فإن قلت كيف قيل { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } وفي الحاقة { ولا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } الحاقة 36 قلت العذاب ألوان ، والمعذبون طبقات فمنهم أكلة الزقوم ومنهم أكلة الغسلين ، ومنهم أكلة الضريع لكل باب منهم جزء مقسوم { لاَّ يُسْمِنُ } مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام . أو ضريع ، يعني أنّ طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس ، وإنما هو شوك والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به . وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه . ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه وهما إماطة الجوع ، وإفادة القوّة والسمن في البدن . أو أريد أن لا طعام لهم أصلاً لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلاً عن الإنس لأن الطعام ما أشبع أو أسمن ، وهو منهما بمعزل كما تقول ليس لفلان ظل إلا الشمس ، تريد نفي الظل على التوكيد . وقيل قالت كفار قريش إن الضريع لتسمن عليه إبلنا فنزلت { لاَّ يُسْمِنُ } فلا يخلوا إما أن يتكذبوا ويتعنتوا بذلك وهو الظاهر ، فيردّ قولهم بنفي السمن والشبع . وإما أن يصدقوا فيكون المعنى أن طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم ، إنما هو من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع .