Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 109-109)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرىء أسس بنيانه » و « أُسس بنيانه » ، على البناء للفاعل والمفعول . وأسس بنيانه ، جمع أساس على الأضافة ، وأساس بنيانه ، بالفتح والكسر جمع أس وآساس بنيانه على أفعال ، جمع أس أيضاً ، وأس بنيانه . والمعنى أفمن أسس بنيان دينه على قاعدة قوية محكمة وهي الحق الذي هو تقوى الله ورضوانه { خَيْرٌ أَم مَّنْ } أسسه على قاعدة هي أضعف القواعد وأرخاها وأقلها بقاء ، وهو الباطل والنفاق الذي مثله مثل { شَفَا جُرُفٍ هَارٍ } في قلة الثبات والاستمساك ، وضع شفا الجرف في مقابلة التقوى لأنه جعل مجازاً عما ينافي التقوى . فإن قلت فما معنى قوله { فَٱنْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ } ؟ قلت لما جعل الجرف الهائر مجازاً عن الباطل قيل فانهار به في نار جهنم ، على معنى فطاح به الباطل في نار جهنم ، إلاّ أنه رشح المجاز فجيء بلفظ الانهيار الذي هو للجرف ، وليصور أنّ المبطل كأنه أسس بنياناً على شفا جرف من أودية جهنم فانهار به ذلك الجرف فهوى في قعرها . والشفا الحرف والشفير . وجرف الوادي جانبه الذي يتحفر أصله بالماء وتجرفه السيول فيبقى واهياً . والهار الهائر وهو المتصدع الذي أشفى على التهدم والسقوط . ووزنه فعل ، قصر عن فاعل ، كخلف من خالف . ونظيره شاك وصات ، في شائك وصائت . وألفه ليست بألف فاعل ، إنما هي عينه . وأصله هور وشوك وصوت . ولا ترى أبلغ من هذا الكلام ولا أدلّ على حقيقة الباطل وكنه أمره . وقرىء جرف ، بسكون الراء فإن قلت فما وجه ما روى سيبويه عن عيسى بن عمر على تقوىً من الله ، بالتنوين ؟ قلت قد جعل الألف للإلحاق لا للتأنيث ، كتترى فيمن نوّن ، ألحقها بجعفر . وفي مصحف أبيّ فانهارت به قواعده . وقيل حفرت بقعة من مسجد الضرار فرؤي الدخان يخرج منه . وروي أن مجمع بن حارثة كان إمامهم في مسجد الضرار ، فكلم بنو عمرو بن عوف أصحاب مسجد قباء عمر بن الخطاب في خلافته أن يأذن لمجمع فيؤمهم في مسجدهم فقال لا ، ولا نعمة عين ، أليس بإمام مسجد الضرار ؟ فقال يا أمير المؤمنين ، لا تعجل عليّ ، فوالله لقد صليت بهم والله يعلم أني لا أعلم ما أضمروا فيه ، ولو علمت ما صليت معهم فيه ، كنت غلاماً قارئاً للقرآن وكانوا شيوخاً لا يقرؤون من القرآن شيئاً ، فعذره وصدّقه وأمره بالصلاة بقومه .