Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 60-60)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء } قصر لجنس الصدقات على الأصناف المعدودة وأنها مختصة بها ، لا تتجاوزها إلى غيرها ، كأنه قيل إنما هي لهم لا لغيرهم . ونحوه قولك إنما الخلافة لقريش ، تريد لا تتعداهم ولا تكون لغيرهم فيحتمل أن تصرف إلى الأصناف كلها وأن تصرف إلى بعضها ، وعليه مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه . وعن حذيفة وابن عباس وغيرهما من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أنهم قالوا في أي صنف منها وضعتها أجزاك . وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه لو نظرت إلى أهل بيت من المسلمين فقراء متعففين فجبرتهم بها كان أحبّ إليّ . وعند الشافعيّ رضي الله عنه ، لا بدّ من صرفها إلى الأصناف الثمانية وعن عكرمة رضي الله عنه أنها تفرق في الأصناف الثمانية . وعن الزهري أنه كتب لعمر بن عبد العزيز تفريق الصدقات على الأصناف الثمانية { وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا } السعاة الذين يقبضونها { وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ } أشراف من العرب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستألفهم على أن يسلموا فيرضخ لهم شيئاً منها حين كان في المسلمين قلة . والرقاب المكاتبون يعانون منها . وقيل الأسارى . وقيل تبتاع الرقاب فتعتق { وَٱلْغَـٰرِمِينَ } الذين ركبتهم الديون ولا يملكون بعدها ما يبلغ النصاب . وقيل الذين تحملوا الحمالات فتداينوا فيها وغرموا { وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } فقراء الغزاة والحجيج المنقطع بهم { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } المسافر المنقطع عن ماله فهو فقير حيث هو غنيّ حيث ماله { فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ } في معنى المصدر المؤكد ، لأن قوله إنما الصدقات للفقراء معناه فرض الله الصدقات لهم . وقرىء « فريضة » بالرفع على تلك فريضة . فإن قلت لم عدل عن اللام إلى « في » في الأربعة الأخيرة ؟ قلت للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره ، لأن « في » للوعاء ، فنبه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها ومصباً ، وذلك لما في فكّ الرقاب من الكتابة أو الرقّ أو الأسر ، وفي فكّ الغارمين من الغرم من التخليص والإنقاذ ، ولجمع الغازي الفقير أو المنقطع في الحج بين الفقر والعبادة ، وكذلك ابن السبيل جامع بين الفقر والغربة عن الأهل والمال ، وتكرير « في » في قوله { وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } فيه فضل ترجيح لهذين على الرقاب والغارمين . فإن قلت فكيف وقعت هذه الآية في تضاعف ذكر المنافقين ومكايدهم ؟ قلت دلّ بكون هذه الأصناف مصارف الصدقات خاصة دون غيرهم على أنهم ليسوا منهم ، حسماً لأطماعهم وإشعاراً باستيجابهم الحرمان ، وأنهم بعداء عنها وعن مصارفها ، فما لهم وما لها ؟ وما سلطهم على التكلم فيها ولمز قاسمها صلوات الله عليه وسلامه ؟ .