Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 90, Ayat: 8-16)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ8 } يبصر بهما المرئيات { وَلِسَاناً } يترجم به عن ضمائره { وَشَفَتَيْنِ } يطبقهما على فيه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ وغير ذلك { وَهَدَيْنَـٰهُ ٱلنَّجْدَينِ } أي طريقي الخير والشر . وقيل الثديين { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } يعني فلم يشكر تلك الأيادي والنعم بالأعمال الصالحة من فك الرقاب وإطعام اليتامى والمساكين ، ثم بالإيمان الذي هو أصل كل طاعة ، وأساس كل خير بل غمط النعم وكفر بالمنعم . والمعنى أن الإنفاق على هذا الوجه هو الإنفاق المرضي النافع عند الله ، لا أن يهلك مالاً لبداً في الرياء والفخار ، فيكون مثله { كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ … } آل عمران 117 الآية . فإن قلت قلما تقع « لا » الداخلة على الماضي إلاّ مكرره ، ونحو قوله @ فَأَيُّ أَمْرٍ سَيِّىءٍ لاَ فَعَلَه @@ لا يكاد يقع ، فما لها لم تكرر في الكلام الأفصح ؟ قلت هي متكرّرة في المعنى لأن معنى { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ 11 } فلا فكّ رقبة ، ولا أطعم مسكيناً . ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك . وقال الزجاج قوله ثم كان من الذين أمنوا يدل على معنى { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ 11 } ، ولا آمن . والاقتحام الدخول والمجاوزة بشدّة ومشقة . والقحمة الشدة ، وجعل الصالحة عقبة ، وعملها اقتحاماً لها ، لما في ذلك من معاناة المشقة ومجاهدة النفس . وعن الحسن عقبة والله شديدة . مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدّوه الشيطان . وفكّ الرقبة تخليصها من رق أو غيره . وفي الحديث 1303 أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم دلني على عمل يدخلني الجنة . فقال " تعتق النسمة وتفك الرقبة " قال أو ليسا سواء ؟ قال " لا ، إعتاقها أن تنفرد بعتقها . وفكها أن تعين في تخليصها . من قود أو غرم " والعتق والصدقة من أفاضل الأعمال . وعن أبي حنيفة رضي الله عنه أن العتق أفضل من الصدقة . وعند صاحبيهالصدقة أفضل والآية أدل على قول أبي حنيفة لتقديم العتق الصدقة وعن الشعبي في رجل عنده فضل نفقة أيضعه في ذي قرابة ، أو يعتق رقبة ؟ قال الرقبة أفضل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال 1304 " من فك رقبة فك الله بكل عضو منها عضواً منه من النار " قرىء « فك رقبة أو إطعام » على هي فك رقبة ، أو إطعام . وقرىء « فك رقبة » أو أطعم ، على الإبدال من اقتحم العقبة . وقوله { وَمآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ 12 } اعتراض ، ومعناه أنك لم تدرِكُنْهَ صعوبتها على النفس وكنه ثوابها عند الله . والمسغبة ، والمقربة ، والمتربة مفعلات من سغب إذا جاع . وقرب في النسب ، يقال فلان ذو قرابتي . وذو مقربتي . وترب إذا افتقر ، ومعناه . التصق بالتراب . وأما أترب فاستغنى ، أي صار ذا مال كالتراب في الكثرة ، كما قيل أثري . 1305 وعن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { ذَا مَتْرَبَةٍ } الذي مأواه المزابل ، ووصف اليوم بذي مسغبة نحو ما يقول النحويون في قولهم هم ناصب ذو نصب . وقرأ الحسن « ذا مسغبة » نصبه بإطعام . ومعناه أو إطعام في يوم من الأيام ذا مسغبة .