Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 92, Ayat: 14-21)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقرأ أبو الزبير « تتلظى » فإن قلت كيف قال { لاَ يَصْلَـٰهَا إِلاَّ ٱلاْشْقَى … وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى 17 } ؟ وقد علم أنّ كل شقيّ يصلاها ، وكل تقي يجنبها ، لا يختص بالصلي أشقى الأشقياء ، ولا بالنجاة أتقى الأتقياء ، وإن زعمت أنه نكر النار فأراد ناراً بعينها مخصوصة بالأشقى ، فما تصنع بقوله { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى17 } ؟ فقد علم أن أفسق المسلمين يجنب تلك النار المخصوصة ، لا الأتقى منهم خاصة ؟ قلت الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين فقيل الأشقى ، وجعل مختصاً بالصلي ، كأن النار لم تخلق إلاّ له . وقيل الأتقى ، وجعل مختصاً بالنجاة ، كأن الجنة لم تخلق إلاّ له . وقيل هما أبو جهل أو أمية بن خلف ، وأبو بكر رضي الله عنه { يَتَزَكَّىٰ } من الزكاء . أي يطلب أن يكون عند الله زاكياً ، لا يريد به رياء ولا سمعة . أو يتفعل من الزكاة . فإن قلت ما محل يتزكى ؟ قلت هو على وجهين إن جعلته بدلاً من { يُؤْتِى } فلا محل له لأنه داخل في حكم الصلة ، والصلات لا محل لها وإن جعلته حالاً من الضمير من { يُؤْتِى } فمحله النصب { ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ } مستثنى من غير جنسه وهو النعمة أي ما لأحد عنده نعمة إلاّ ابتغاء وجه ربه ، كقولك ما في الدار أحد إلاّ حماراً . وقرأ يحيى بن وثاب « إلا ابتغاء وجه ربه » بالرفع على لغة من يقول ما في الدار أحد ألا حمار وأنشد في اللغتين قول بشر بن أبي حازم @ أَضْحَتْ خَلاءً قِفَاراً لاَ أَنِيسَ بِهَا إلاّ الْجَآذِرُ وَالظّلْمَانُ تَخْتَلِفُ @@ وقول القائل @ وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ إلاَّ الْيَعَافِيرُ وَإلاَّ الْعَيسُ @@ ويجوز أن يكون { ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ } مفعولاً له على المعنى ، لأنّ معنى الكلام لا يؤتي ماله إلاّ ابتغاء وجه ربه ، لا لمكافأة نعمة { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ21 } موعد بالثواب الذي يرضيه ويقرّ عينه . وعن رسول صلى الله عليه وسلم 1309 " من قرأ سورة والليل ، أعطاه الله حتى يرضى ، وعافاه من العسر ويسر له اليسر " .