Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 95, Ayat: 1-8)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أقسم بهما لأنهما عجيبان من بين أصناف الأشجار المثمرة ، وروي 1318 أنه أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طبق من تين فأكل منه وقال لأصحابه « كلوا ، فلو قلت إنّ فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه ، لأنّ فاكهة الجنة بلا عجم ، فكلوها . فإنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس » . ومرّ معاذ بن جبل بشجرة الزيتون فأخذ منها قضيباً واستاك به وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول 1319 " نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة يطيب الفم ويذهب بالحفرة " وسمعته يقول " هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي " وعن ابن عباس رضي الله عنه هو تينكم هذا وزيتونكم . وقيل جبلان من الأرض المقدّسة يقال لهما بالسريانيّة طورتينا وطورزيتا ، لأنهما منبتا التين والزيتون . وقيل « التين » جبال ما بين حلوان وهمذان . و « الزيتون » جبال الشام ، لأنها منابتهما ، كأنه قيل ومنابت التين والزيتون . وأضيف الطور وهو الجبل ، إلى سنين وهي البقعة . ونحو سينون ، يبرون ، في جواز الإعراب بالواو والياء ، والإقرار على الياء ، وتحريك النون بحركات الإعراب . والبلد مكة حماها الله . والأمين من أمن الرجل أمانة فهو أمين . وقيل أمان ، كما قيل كرّام في كريم . وأمانته أن يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه . ويجوز أن يكون فعيلاً بمعنى مفعول ، من أمنه لأنه مأمون الغوائل ، كما وصف بالأمن في قوله تعالى { حَرَماً آمِناً } القصص 57 بمعنى ذي أمن ومعنى القسم بهذه الأشياء الإبانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر فيها من الخير والبركة بسكنى الأنبياء والصالحين . فمنبت التين والزيتون مهاجر إبراهيم ومولد عيسى ومنشؤه ، والطور المكان الذي نودي منه موسى . ومكة مكان البيت الذي هو هدى للعالمين ، ومولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه { فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } في أحسن تعديل لشكله وصورته وتسوية لأعضائه . ثم كان عاقبة أمره حين لم يشكر نعمة تلك الخلقة الحسنة القويمة السوية أن رددناه أسفل من سفل خلقاً وتركيباً ، يعني أقبح من قبح صورة وأشوهه خلقة ، وهم أصحاب النار أو أسفل من سفل من أهل الدركات . أو ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل في حسن الصورة والشكل حيث نكسناه في خلقه ، فقوّس ظهره بعد اعتداله ، وابيض شعره بعد سواده ، وتشنن جلده وكان بضاً وكلَّ سمعه وبصره وكانا حديدين ، وتغير كل شيء منه فمشيه دليف ، وصوته خفات ، وقوته ضعف ، وشهامته خرف وقرأ عبد الله « أسفل السافلين » . فإن قلت فكيف الاستثناء على المذهبين ؟ قلت هو على الأول متصل ظاهر الاتصال ، وعلى الثاني منقطع . يعني ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم غير منقطع على طاعتهم وصبرهم على ابتلاء الله بالشيخوخة والهرم ، وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة على تخاذل نهوضهم . فإن قلت { فَمَا يُكَذّبُكَ } من المخاطب به ؟ قلت هو خطاب للإنسان على طريقة الالتفات ، أي فما يجعلك كاذباً بسبب الدين وإنكاره بعد هذا الدليل ، يعني أنك تكذب إذا كذبت بالجزاء ، لأنّ كل مكذب بالحق فهو كاذب ، فأيّ شيء يضطرك إلى أن تكون كاذباً بسبب تكذيب الجزاء . والباء مثلها في قوله تعالى { ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم به مُّشْرِكُونَ } النحل 100 والمعنى أنّ خلق الإنسان من نطفة ، وتقويمه بشراً سوياً وتدريجه في مراتب الزيادة إلى أن يكمل ويستوي ، ثم تنكيسه إلى أن يبلغ أرذل العمر لا ترى دليلاً أوضح منه على قدرة الخالق ، وأن من قدر من الإنسان على هذا كله لم يعجز عن إعادته ، فما سبب تكذيبك أيها الإنسان بالجزاء بعد هذا الدليل القاطع . وقيل الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَـٰكِمِينَ8 } وعيد للكفار ، وأنه يحكم عليهم بما هم أهله . وعن النبي صلى الله عليه وسلم 1320 أنه كان إذا قرأها قال " بلى وأنا على ذلك من الشاهدين " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1321 " من قرأ سورة التين أعطاه الله خصلتين العافية واليقين ما دام في دار الدنيا ، وإذا مات أعطاه الله من الأجر بعدد من قرأ هذه السورة " .