Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 99, Ayat: 1-8)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

« زلزالها » قرىء بكسر الزاي وفتحها فالمكسور مصدر ، والمفتوح اسم وليس في الأبنية فعلال بالفتح إلاّ في المضاعف . فإن قلت ما معنى زلزالها بالإضافة ؟ قلت معناه زلزالها الذي تستوجبه في الحكمة وهو مشيئة الله ، وهو الزلزال الشديد الذي ليس بعده . ونحوه قولك أكرم التقيّ إكرامه ، وأهن الفاسق إهانته ، تريد ما يستوجبانه من الإكرام والإهانة أو زلزالها كله وجميع ما هو ممكن منه . الأثقال جمع ثقل . وهو متاع البيت ، وتحمل أثقالكم جعل ما في جوفها من الدفائن أثقالاً لها { وَقَالَ ٱلإِنسَـٰنُ مَا لَهَا } زلزلت هذه الزلزلة الشديدة ولفظت ما في بطنها وذلك عند النفخة الثانية حين تزلزل وتلفظ أمواتها أحياء ، فيقولون ذلك لما يبهرهم من الأمر الفظيع ، كما يقولون { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } يس52 . وقيل هذا قول الكافر لأنه كان لا يؤمن بالبعث فأما المؤمن فيقول { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } يس52 . فإن قلت ما معنى تحديث الأرض والإيحاء لها ؟ قلت هو مجاز عن إحداث الله تعالى فيها من الأحوال ما يقوم مقام التحديث باللسان ، حتى ينظر من يقول ما لها إلى تلك الأحوال ، فيعلم لم زلزلت ولم لفظت الأموات ؟ وأنّ هذا ما كانت الأنبياء ينذرونه ويحذرون منه . وقيل ينطقها الله على الحقيقة . وتخبر بما عمل عليها من خير وشرّ . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1331 " تشهد على كل أحد بما عمل على ظهرها " فإن قلت إذا ، ويومئذ ما ناصبهما ؟ قلت { يَوْمَئِذٍ } بدل من إذا ، وناصبهما { تُحَدِّثُ } . ويجوز أن ينتصب إذا بمضمر ، و { يَوْمَئِذٍ } بتحدّث . فإن قلت أين مفعولا تحدث ؟ قلت قد حذف أوّلهما ، والثاني أخبارها ، وأصله تحدث الخلق أخبارها إلاّ أن المقصود ذكر تحديثها الأخبار لا ذكر الخلق تعظيماً لليوم . فإن قلت بم تعلقت الباء في قوله { بِأَنَّ رَبَّكَ } ؟ قلت بتحدّث ، معناه تحدّث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها ، وأمره إياها بالتحديث . ويجوز أن يكون المعنى يومئذ تحدث بتحديث أنّ ربك أوحى لها أخبارها ، على أن تحديثها بأن ربك أوحى لها تحديث بأخبارها ، كما تقول نصحتني كل نصيحة ، بأن نصحتني في الدين . ويجوز أن يكون { بِأَنَّ رَبَّكَ } بدلاً من { أَخْبَارَهَا } كأنه قيل يومئذ تحدث بأخبارها بأن ربك أوحى لها لأنك تقول حدثته كذا وحدثته بكذا ، و { أَوْحَىٰ لَهَا } بمعنى أوحى إليها ، وهو مجاز كقوله { أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } النحل 40 قال @ أَوْحَى لَهَا الْقَرَارَ فَاسْتَقَرَّتْ @@ وقرأ ابن مسعود « تنبىء أخبارها » . وسعيد بن جبير تنبىء ، بالتخفيف . يصدرون عن مخارجهم من القبور إلى الموقف { أَشْتَاتاً } بيض الوجوه آمنين وسود الوجوه فزعين . أو يصدرون عن الموقف أشتاتاً يتفرق بهم طريقا الجنة والنار ، ليروا جزاء أعمالهم . وفي قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم « ليروا » بالفتح . وقرأ ابن عباس وزيد بن علي « يره » بالضم . ويحكى أنّ أعرابياً أخر { خَيْراً يَرَهُ } فقيل له قدّمت وأخّرت فقال @ خُذَا بَطْنَ هَرْشَى أَوْ قَفَاهَا فَإن كِلاَ جَانِبَيْ هَرْشَى لَهُنَّ طَرِيقُ @@ والذرّة النملة الصغيرة ، وقيل « الذرّ » ما يرى في شعاع الشمس من الهباء . فإن قلت حسنات الكافر محبطة بالكفر ، وسيئات المؤمن معفوّة باجتناب الكبائر ، فما معنى الجزاء بمثاقيل الذرّ من الخير والشرّ ؟ قلت المعنى فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً من فريق السعداء . ومن يعمل مثقال ذرّة شراً من فريق الأشقياء لأنه جاء بعد قوله { يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1332 " من قرأ سورة إذا زلزلت أربع مرات كان كمن قرأ القرآن كله " .