Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 146-146)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ … } . أي يميزونه بصفاته من حيث كونه رسولا . ( كما يعرفون ) أبناءهم ( من حيث كونهم أبْنَاءهم ، أو يكون من تشبيه المركب بالمفرد ، أي يعلمونه بصفاته من حيث كونه رسولا كما يعرفون أبناءهم ) بالإطلاق لا من حيث النسبة كما قال عبد الله بن سلام : إنه لا يتحقق أن ابنه المنسوب إليه ابنه حقيقة ، ويتحقق رسالته صلى الله عليه وسلم علما يقينيا . قال ابن عطية : لم شبّه معرفتهم له بمعرفتهم أبناءهم ولم يشبهها بمعرفتهم أنفسهم ؟ وأجاب بأن الإنسان يتقدم له زمن لا يعرف فيه حال نفسه وهو زمن الصغر بخلاف ولده فإنه يشاهده من صغره إلى كبره . قال ابن عرفة : ويحتمل عندي أن يجاب بأن ذلك التشبيه للمشاكلة لأن الكتاب منفصل عنهم فشبه بما هو منفصل عنهم وهو الولد بخلاف أنفسهم . قوله تعالى : { لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } . وباقيهم إما يقرون بالحقّ ، أو يكتمون الحق وهم يجلهون . وهذا دليل على أن كفر الأولين عناد . قلت : تقدم لنا في الختمة الأخرى عن الشيخ الإمام ابن عرفة وهو أن آخر الآية مناقض لأولها لأن قوله { يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ } دليل على أن جميعهم يعلمونه . وقوله تعالى : { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ … } . دليل على أن بعضهم يجهلونه . فإن قلت : إنما مقتضاه أن باقيهم يعلمون الحق ويظهرونه ؟ قلنا : لا يصح لوجهين : الأول : أن الضمير المجرور في قوله { مِّنْهُم } عائد على { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } وقد قالوا : إن { ٱلَّذِينَ } بدل من { الظالمين } ، فإذا كان كذلك بطل أن يكون بعضهم عالمين به ومظهرين له إذ لا يسمى فاعل ذلك ظالما . - الثاني : { إِنَّ فَرِيقاً } إنما يطلق على القليل من الجماعة ولا يقال للنصف ( فريقا ) ( فيلزم ) أن يكون أكثرهم مظهرين للحق ، وذلك مخالف لسياق الآية لأنها إنما سيقت لذمهم . وأجاب ابن / عرفة عن الإشكال باحتمال كون فيهم مِن علِم وتحقق ولم تعرض له شبهة توجب له الريبة والشك في علمه فهؤلاء هم الّذين قيل فيهم { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } . ومنهم من علم وعرضت له شبهة توجب التردد في علمه فهؤلاء هم المسكوت عنهم .