Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 175-175)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ … } . إن قلت : ما فائدة قوله " الذين " وهلا قال : أولائك اشْتَرُوا الضَّلاَلَةَ بِالهُدَى كما قيل { أُوْلَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } { أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } ( فهل هو للحصر ) ؟ ( فأجاب ابن عرفة : بأنه ليس للحصر بل للتحقيق ، أي فهم جديرون وحقيقون بأن يقال فيهم هذه المقالة وهي أحق من غيرهم . ابن عرفة : وفي كتاب الوصايا من المدونة : إذا أوصى فلان بعبده لرجل ثم أوصى به لرجل آخر فهو بينهما نصفين . فإن قال : عبدي الذي كنت أوصيت به لفلان فهو لفلان فلذلك رجوع عن الوصية الأولى ويختص به الثاني ) . قال ابن عرفة : إنّ { ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ } راجع لتصوّر حالتهم في الدنيا . قوله تعالى : { وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ … } . راجع لتصوّر حالهم في الآخرة وهذا أولى مما قال ابن عطية : لما كان العذاب تابعا للضلالة والمغفرة تابعة للهدى أدْخِلا في ( حوز ) الشراء ، ولما كانوا متمكنين من الإيمان والكفر جعلوا كأنّهم حصلوا الإيمان ثم باعوه بالكفر . وتقدم لابن عطية في أول البقرة الاستدلال بهذا على أن من خير بين شيئين يعد منتقلا . قيل لابن عرفة : إنما فيها الاحتجاج لمن يقول من ملك أن يملك بعد مالكا ؟ فقال : تلك قاعدة ( مختلف ) فيها والصحيح بطلانها وهذه قاعدة صحيحة دلت عليها آخر مسألة من كتاب الخيار في المدونة . قيل لابن عرفة : هم ليسوا مخيرين بين الإيمان والكفر ؟ فقال : لما كانوا متمكنين منهما فكأنهم ( مخيرون ) بينهما . قال ابن عرفة : وإنما أفردت المغفرة ( إشارة ) إلى أن مغفرة واحدة ( تكفي ) في رفع العذاب وإن تعدد ، وهذا دليل على أن التوبة من الكفر قطعية القبول وأنّها تَجُبّ ما قبلها ، قال الله تعالى : { قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } قوله تعالى : { فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } . ( قال ابن عطية عن جماعة : أظهروا التعجب ( من ) صبرهم على النار لما عملوا عمل ) ( من وطّن نفسه عليها ) أي ما أجرأهم على النّار . وحكى عن المقتضب للمبرد أنه تقرير واستفهام من قولك مصبور أي محبوس أي ما أشد حبسهم في النار أو ما أحبسهم في النار . قال ابن عرفة : وهذا أصوب لأن الأول يقتضي أن لهم اختيارا وجلادة على الصبر على النّار وهذا مدح لهم بالقوة والجلادة . والثاني يقتضي أن حبسهم فيها اضطرار ليس لهم فيه اختيار بوجه . قيل لابن عرفة : إنّما التعجّب من أسباب صبرهم على النار ؟ فقال : أسباب الصبر ( محبوبة ) مستلذة ، لا يتعجب ( منها ) كما قال " حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ " .