Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 179-179)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ … } . ابن عرفة : فيه دليل لأهل السنة القائلين بأن لا حسن ولا قبح لأن الآية خرجت مخرج الامتنان بتعداد هذه النعم ، فدلّ على أنها تفضل من الله تعالى ، ولو كان القصاص واجبا في ( العقل ) لما حسن كونه نعمة ، ولما صح الإتيان به لأن ذلك تحصيل الحاصل . قال الأصوليون والبيانيون : وهذه أبلغ من قول العرب القتل أنفى للقتل . وقدره ابن مالك في المصباح بأربعة أوجه : أحدها : أن حروفها عشرة ، وأسقط منها الياء من في ( وألف ) الوصل من " القِصَاصِ " لسقوطها في النطق وفي التفعيل أعني الأوزان ( الشعرية ) ، وحروف " القتل أنفى للقتل " أربعة عشر . الثاني : تنافر الحروف في المثل وتناسبها في الآية . الثالث : لفظ الحياة محبوب ، فالتصريح باسمها أولى من الكناية عنه بنفي القتل . الرابع : صحة معناه لأن تنكير الحياة يفيد إما حياة عظيمة أو نوعا من الحياة إشارة لحسنه وغرابته ، بخلاف المثل فإن معناه غير صحيح وحقيقته غير مرادة . قال ابن عرفة : ويظهر لي بيان الرّابع إما بأن القتل في المثل ( مطلق ) ( يتناول ) القتل عدوانا مع أنه غير مراد والآية صريحة في نفي ذلك . قال ( ابن عرفة ) : والآية أصوب من وجه آخر وهو أنها تقتضي المساواة في جميع الوجوه بخلاف المثل فليس فيه تنصيص على المساواة . وذكر ( الطبري ) في تأليفه في البيان والجعبري في شرح الشاطبية الصغرى أنّ الآية تفضله من وجوه : أحدها : ( إيهامه ) التناقض لمنافاة الشيء لنفسه أو العموم فيكون القتل ظلما أنفى للقتل قصاصا والمراد العكس بخلاف الآية فإنّها صريحة في معناها من غير احتمال ( شيء ) . الثاني : عدول الآية عن التكرار وعن الإضمار ، بخلاف المثل لأن تقديره كراهية القتل أنفى للقتل . الثالث : سلامة ألفاظها عما يوحش السامع ، وتخصيصها بالحياة المرغوب فيها وبعدها عن تكرار ( قَلْقَلة ) القَافِ للضَغط والشدة وتخصيصها بتكرار الصاد المستجلب ( باستعلائها ) وإطباقها مع الصفير للفصاحة . الرابع : فيها الطباق المعنوي بين القصاص والحياة . قلت : وزاد بعضهم عن القاضي ابن عبد السلام أن الآية أعجب لاقتضائها أنّ الموت سبب في الحياة ولأن دلالة القصاص على الحياة مطابقة ودلالة القتل عليها باللزوم .