Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 21-21)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ … } قال ابن عرفة : هذا التفات من الغيبة إلى الخطاب لأنه تقدم الكلام بين المسلمين والمنافقين بلفظ الغيبة ثم أقبل على الجميع بالنداء وهو خطاب لمشركي مكة . قال القاضي العماد : " ( في ) هذا اضطراب وتناقض لأن جعله التفاتا يقتضي خطاب جميع الناس مسلمهم وكافرهم " . وأجاب ابن عرفة : بأنه خطاب لجميع الناس الذين منهم مشركو مكة . قال : وإذا قلنا إن السورة مدنية كيف يخاطب مشركو مكة ؟ إلا أن يقال : إنه خطاب للجميع ويتناول مشركي مكة وإن كانوا غالبين من باب تغليب المخاطب على الغائب . قال : وحرف النداء اما اسم فعل لأنادي وأنادي إما خبر أو إنشاء والصحيح أنه إنشاء في معنى الخبر يدل عليه قول الفقهاء : إن من قال لرجل : " يا زان " إنّه يحدّ . ( قال ) : ويَا نداء للبعيد ويستعمل في القريب مجازا . وقيل إنه ( وضع ) أيضا للقريب فيكون مشتركا فيتعارض الاشتراك والمجاز فالمجاز ( أولى ) . وعلى ما قال ابن الخطيب في القدر المشترك : يكون للقدر المشترك بينهما وهو أول من تكلّم به أعني ابن الخطيب . وقال بعضهم : لم تعرف العرب القدر المشترك بوجه . ورده بعضهم بتفريق الجزولي بين علم الجنس وعلم الشخص . قال : وحرف النداء جرى مجرى أداة التعريف فلذلك لم تدخل على ما فيه الألف واللام إلا بواسطة أي . قال ( ابن عرفة ) : وعادتهم يردّون بقولك : يا / رَجُل فلو كان ( للتعريف ) ( لما صحّ ) دخوله على النكرة . وأجاب بأن النكرة غير مقبل عليها ، والتعريف في المنادى إنما هو ( بما فيه من ) معنى الإقبال . والنّاسُ ( إن ) أريد به أهل مكة فيدخل غيرهم من باب خطاب التسوية ، ( لأنّهم ) يتناولهم التكليف كما قال اللّخمي في أول كتاب النكاح . قال مجاهد : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } حيث وقع ( فهو ) مكي و { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } مدني . ( قال الطّيبي ) أكثر اقتران النّاس بلفظ الرّبّ . قال ابن عرفة : لأنه تكليف للجميع من المؤمنين والكافرين ، فحسن فيه وصف التربية ( بالإحسان ) والإنعام على سبيل التهييج للامتثال . ولما كان الآخر خطابا لمن حصل له الإيمان بالفعل لم يحتج إلى ذلك التأكيد . وَاعْبُدُو : حمله ابن عطية على التوحيد . وحمله الزمخشري على الطاعات . قال الطّبري : وفيها حجة لأهل السنة القائلين بوقوع تكليف مالا يطاق ( لأنّ ) من جملة الناس المنافقون المخبر عنهم بأن الله ختم على قلوبهم ( وسمعهم ) . ( وردّه ابن عرفة بأن هذا ليس من محل النزاع ) . فقد استثنى ابن التلمساني في شرح المعالم ( الفقهية ) في المسألة الرابعة عشر من باب الأوامر استثناء المحال عقلا كالكون في محلين في وقت واحد ، والمحال عادة . كالطيران في الهواء فقال : هذا لا يصحّ التكليف به ( إلاّ مع التمكن ومع القدرة عليه . كما يحكى عن الركراكي وغيره من الصالحين وهذا ) ( ليس ) من ذلك القبيل بل يصح التكليف به وإن كان غير واقع في علم الله تعالى . وحمل الزمخشري ( الترجي ) على الوجوب وهو المناسب لمذهب المعتزلة لأنهم يقولون : إن الطائع يجب على الله أن يثيبه وكما قالوا في قوله : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } قال ابن عرفة : وإذا فسّرنا العبادة بالتوحيد كما قال ابن عطية بيكون في الآية دليل على أن النظر واجب بالعقل ، ولو وجب بالشرع لأمروا أولا بالنظر ثم بالتوحيد . فإن فسرنا العبادة بفعل التكاليف الشرعية من الصلاة والزكاة وغير ذلك كما قال الزمخشري فيكون فيها دليل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة إلا أن يقال : إنهم كلفوا بالايمان وبفروعه ضربة واحدة .