Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 256-256)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ … } . نقل ابن عرفة عن ابن عطية الخلاف في سبب نزولها ثم قال : الظاهر عندي ( أنّها ) على ظاهرها ويكون خبرا في اللفظ والمعنى . والمراد أنه ليس في الاعتقاد إكراه وهو أولى من قول من جعلها خبرا في معنى النّهي . وكان أبو عمر ولد الأمير أبي الحسن على المريني في ( أيام ) مملكته جمع كل من كان في بلده من النّصارى وأهل الذمة وقال لهم : إما أن تسلموا أو ضربت أعناقكم ، فأنكر عليه ذلك فقهاء بلده ومنعوه وكان في عقله اختبال . قيل لابن عرفة : من فسّر الدين بالإسلام لا يتمّ إلا على مذهب المعتزلة القائلين بأن الاعتقاد غير كاف . فقال : قد قال الله تعالى : { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ } وفسره في الحديث " بأنّ تشهد أن لاَ إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " . قوله تعالى : { قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ … } . ( قد ) للتوقع لأن المشركين كانوا يتوقعون بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعارضوها بقوله تعالى : { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ } فجعل الخبيث مخرجا من الطيب ، وعكس هنا . وأجيب : بأن هذا في أول الإسلام كان الكفر أكثر وتلك في آخر الإسلام كان الإيمان أكثر ودخل الناس في الدين أفواجا . قوله تعالى : { فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ … } . قدم الكفر إما لأنّه من دفع المؤلم ، أو لأنه مانع ولا يتم الدليل على الشيء إلاّ مع نفي المانع المعارض ولذلك قال في الإرشاد : " النظر في الشيء يضاد العلم بالمنظور ويضاد الجهل به والشك فيه " . فإذا كان الكافر مصمما على كفره استحال إيمانه وإذا ظهر له بطلان الكفر وبقي قابلا للإيمان ونظر في دلائله أنتجت له الإيمان . قوله تعالى : { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ … } . قال الزمخشري : هذا تمثيل للمعلوم بالنّظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس ( ونظرٌ في دلالات أنتجت له ) حتى يتصوره السّامع كأنّه ينظر ( إليه ) بعينه . ابن عطية : هذا تشبيه واختلفوا في المشبه بالعروة فقال مجاهد : العروة الإيمان وقال السدي : الإسلام . وقال سعيد بن جبير والضّحاك : ( العروة ) لا إله إلا الله . قال ابن عرفة : إنما يريد المشبه خاصة ولو أراد المشبه به لكان تشبيه الشيء بنفسه . قوله تعالى : { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } . قال ابن عطية : لما كان الكفر بالطاغوت والإيمان بالله مما ينطق به اللسان ويعتقده القلب حسن في الصفات سميع من أجل النّطق وعليم من أجل المعتقد . وقال الفخر : هذا دليل على أنّ اعتقاد القلب الايمان غير كاف ولا بد من النطق . قال ابن عرفة : لايتم هذا إلاّ على مذهب المعتزلة الذين ينكرون الكلام النفسي ونحن نقول : كلام النفس مسموع ولذلك نتصوره في الكلام القديم الأزلي وهم ينكرونه .