Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 104, Ayat: 1-9)
Tafsir: Ġarāʾib al-Qurʾān wa-raġāʾib al-furqān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءات { جمع } بالتشديد : ابن عامر ويزيد وحمزة وعلي وخلف { عمد } بضمتين جمع عماد : حمزة وعلي وخلف وعاصم سوى حفص والمفضل . الباقون : بفتحتين جمعاً أو واحداً في معناه . الوقوف : { لمزة } ه لا بناءً على أن { الذي } وصف ولو كان منصوباً على الذم أو مرفوعاً على الذم فالوقف { وعدده } ه لا { أخلده } ج ه إن وصل وقف على " كلا " { الحطمة } ه ز { الحطمة } ه ط { الموقدة } ه لا { الأفئدة } ه ج { مؤصدة } ه لا { ممددة } ه . التفسير : لما ذكر حكم جنس الإنسان في خسرهم عقبه بمثال واحد . قال عطاء والكلبي : نزلت في الأخنس بن شريق كان يكسر من أعراض الناس ويكثر الطعن فيهم . والتركيب يدل على الكسر ومنه الهمز ومثله اللمز وهو العيب قال تعالى { ولا تلمزوا أنفسكم } [ الحجرات : 11 ] وقال ابن زيد : الهمز باليد واللمز باللسان . وقال أبو العالية : الهمز بالمواجهة واللمز بظهر الغيب وقد يكون كل ذلك سراً بالحاجب أو العين . وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة كانت عادته الغيبة والوقيعة . وبناء " فعلة " يدل على أن ذلك كان من عادته ، وأما " فعلة " بسكون العين فهي للمفعول . وقال محمد بن إسحق : ما زلنا نسمع أن السورة نزلت في أمية بن خلف . والمحققون على أن خصوص السبب لا ينافي عموم اللفظ ، ويحتمل أن يكون اللفظ عماً ويدخل فيه شخص معين دخولاً أولياً كما لو قال لك إنسان : لا أزورك أبداً فتقول : كل من لا يزورني لا أزوره تعريضاً به ، ومثله يسمى في أصول الفقه تخصيص العام بقرينه العرف . ولا يخفى أن الهمز واللمز من أقبح السير خاصة في حق من هو أجل منصباً وأعلى قدراً من كل المخلوقات وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا جرم أوعده بالويل وهو كلمة جامعة لكل شر ومكروه أو هو واد في جهنم وقد تقدم مراراً . ثم وصفه بقوله { الذي } وكأنه سبب الهمز واللمز لأن الغنى يورث الإعجاب والكبر والتشديد في جمع للتكثير في المفعول ويؤيده تنكير { مالاً } وكذا التشديد في { عدّده } ولا يبعد أن يكون للتكثير في الفعل ، ولا ريب أن عد المال من غير ضرورة وضبطه أزيد من المعتاد يوجب للنفس شغلاً عن السعادات الباقية وحرصاً على الزخارف الدنية وعلى التمتيع بتلك الأسباب ولهذا قال { يحسب } أي طول المال أمله ومناه الأماني البعيدة حتى أصبح لفرط غفلته يحسب أن ماله يتركه خالداً في الدنيا . وقيل : عدده أي أمسكه وجعله عدة وذخيرة لحوادث الدهر . وقيل : أراد بقوله { يحسب } تشييد البنيان وإحكامه بالجص والآجر غرس الأشجار وعمارة الأراضي عمل من يظن أن ماله أبقاه حياً ، أو هو تعريض بالعمل الصالح المخلد لصاحبه الأجر الجزيل والثناء الجميل ، وأما المال فبمعزل عن ذلك لأنه للحادث أو للوارث . وقيل : أحب المال حباً شديداً حتى اعتقد أنه إن انتقص مالي أموت فلذلك يحفظه عن النقصان ليبقى حياً وهذا غير بعيد من اعتقاد البخيل { كلاً } ردع له عن حسبانه أي ليس الأمر كما يظن هو أن المال مخلد بل المخلد هو العلم والعمل كما قال علي رضي الله عنه : مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر . عن الحسن أنه عاد موسراً فقال : ما تقول في ألفو لم أفتد بها من لئيم ولا تفضلت بها على كريم ؟ قال : ولكن لماذا قال لنبوة الزمان وجفوة السلطان ونوائب الدهر ومخافة الفقر ؟ قال : إذاً تدعه لمن لا يحمدك وترد على من لا يعذرك . قوله { لينبذن } جواب قسم محذوف أو جواب حقاً لأنه في معنى القسم . والنبذ الطرح وفيه إشعار بإهانته . وفي قوله { في الحطمة } وهي النار التي من شأنها أن تحطم أي تكسر كل ما يلقى فيها إشارة إلى غاية تعذيبه . ويقال للرجل الأكول إنه لحطمة ووزنها " فعلة " كهمزة ولمزة فكأنه قيل له : كنت همزة لمزة فقابلناك بالحطمة . وأيضاً في الحطم معنى الكسر والهماز اللماز يكسر الناس بالاغتياب والعيب أو يأكل لحمهم كما يأكل الرجل الأكول . ثم كأن قائلاً سأل كيف قوبل الوصفان بوصف واحد ؟ فقيل : إنك لا تعرف ذلك الواحد وما أدراك ما هذه الحطمة { نار الله } هي إضافة تعظيم كبيت الله { الموقدة التي تطلع على الأفئدة } أي تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم وتطلع على جنانها وخباياها . ولا شيء في الإنسان ألطف منه ولا أشد تألماً . ويجوز أن يكون في تخصيص الأفئدة إشارة إلى زيادة تعذيب للقلب لأنه محل الكفر والعقائد الفاسدة . وعند أهل التأويل : إذا كانت النار أمراً معنوياً فلا ريب أنه لا يتألم بها إلا الفؤاد الذي هو محل الإدراكات والعقائد . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن النار تأكل أهلها حتى إذا طلعت على أفئدتهم أي تعلوها وتغلبها انتهت ثم إن الله تعالى يعيد لحمهم وعظمهم مرة أخرى " والمؤصدة المطبقة الأبواب اصدت الباب وأوصدته لغتان . يوصد عليهم الأبواب ويمدد على الأبواب العمد استيثاقاً في استيثاق . وجوز أن يراد أن أبواب النار عليهم مؤصدة حال كونهم مؤثقين في عمد مقطرة ، والمقطرة خشبة فيها خروق يدخل فيها أرجل المحبوسين اللهم أجرنا منها . قال المبرد : والعمد بفتحتين جمع عمود على غير واحده وأما الجمع على واحده فالعمد بضمتين مثل زبور وزبر ورسول ورسل . قال الفراء : العماد والعمد كالإهاب والأهب فالتأنيث لأنه اسم جمع أو بتأويل الأسطوانة .