Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 50-68)

Tafsir: Ġarāʾib al-Qurʾān wa-raġāʾib al-furqān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءات : { فطرني } بفتح الياء : أبو جعفر ونافع والبزي غير الخزاعي { إني أشهد } بالفتح : أبو جعفر ونافع . { فإن تولوا } بتشديد التاء : البزي وابن فليح . { ويستخلف } بالجزم : الخزاز عن هبيرة . الباقون بالرفع { يومئذ } بفتح الميم وكذلك في " المعارج " : أبو جعفر ونافع غير إسماعيل وعلي الشموني والبرجمي وعباس . الآخرون بالجر . { ألا ان ثمود } غير منصرف والوقف بغير الألف : حمزة وحفص وسهل ويعقوب . الباقون بالتنوين والوقف بالألف . { لثمود } بالتنوين في الوصل : علي . الوقوف : { هوداً } ط { غيره } ط { مفترون } ه { أجراً } ط { فطرني } ط { تعقلون } ه { مجرمين } ه { بمؤمنين } ه { بسوء } ط { تشركون } ه لا { لا تنظرون } ه { وربكم } ط { بناصيتها } ط { مستقيم } ه { به إليكم } ط للاستئناف إلا لمن قرأ { ويستخلف } بالجزم { غيركم } ج لاحتمال ما بعده الاستئناف والحال { شيئاً } ط { حفيظ } ه { منا } ج لحق المحذوف أي وقد نجيناهم { غليظ } ه ط { عنيد } ه { ويوم القيامة } ط { ربهم } ط { هود } ه { صالحاً } م لما مر في " الأعراف " . { غيره } ط { إليه } ط { مجيب } ه { مريب } ه { تخسير } ه { قريب } ه { أيام } ط { مكذوب } ط { يومئذٍ } ط { العزيز } ه { جاثمين } ه لا لكاف التشبيه { فيها } ط { ربهم } ط { لثمود } ه . التفسير : قد مر في " الأعراف " تفسير قوله : { وإلى عاد } الآية . ومعنى قوله : { إن أنتم إلا مفترون } أنكم كاذبون في قولكم إن هذه الأصنام يحسن عبادتها مع أنها لا حس لها ولا شعور . ثم قال مثل قول نوح { يا قوم لا أسألكم عليه أجراً } لأن النصيحة لا يمحضها إلا حسم المطامع { أفلا تعقلون } أن نصح من لا يطلب الأجر إلا من الله لا يكون من التهمة في شيء . قيل : إنما قال في قصة نوح { مالاً } دون { أجراً } لذكر الخزائن بعده ، فلفظ المال بها أليق . وحذف الواو من { يا قوم } لأنه أراد الاستئناف أو البدل دون العطف . { ويا قو م استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } قد مر مثله في أول السورة . وقال الأصم : المراد سلوه أن يغفر لكم ما تقدم لكم من إسرافكم ثم اعزموا على أن لا تعودوا إلى مثله . ثم قصد استمالتهم وترغيبهم في الإِيمان بكثرة المطر وزيادة القوة لأن القوم كانوا حراصاً على جميع الأموال من وجوه العمارة والزراعة مفتخرين بما أوتوا من البطش والقوة ، فقدم إليهم في باب الدعوة إلى الدين والترغيب فيه ما كانت همتهم معقودة به ليحصل في ضمنه الغرض الكلي والمقصود الأصلي وهو الفوز بالسعادات الأخروية ، وكأنه إنما خصص هذين النوعين من السعادات الدنيوية لأن الأول أصل جميع النعم ، والثاني أصل في الانتفاع بتلك النعم . وقيل : المراد بالقوة الزيادة في المال . وقيل في النكاح . وروي أنه حبس عنهم القطر بشؤم التكذيب ثلاث سنين وأعقم نساؤهم فوعدوا أنهم إن آمنوا أحيا الله بلادهم ورزقهم المال والولد . والمدرار الكثير الدر كما مر في أول " الأنعام " . عن الحسن بن علي رضي الله عه أنه وفد على معاوية فلما خرج تبعه بعض حجابه فقال : إني رجل ذو مال لا يولد لي فقال : عليك بالاستغفار . فكان يكثر الاستغفار حتى إنه ربما استغفر في يوم واحد سبعمائة مرة فولد له عشرة بنين فبلغ ذلك معاوية فقال : هلا سألته مم قال ذلك ؟ فوفد وفدة أخرى فسأله الرجل فقال : ألم تسمع قول هود { ويزدكم قوة إلى قوتكم } وقول نوح { ويمددكم بأموال وبنين } [ نوح : 12 ] ثم قول هود { لا تتولوا } أي لا تعرضوا عما أدعوكم إليه { مجرمين } مصرين على الإِجرام والآثام . فجحدوا هوداً وقالوا ما جئتنا ببينة كما قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم { لولا أنزل عليه آية من ربه } [ الرعد : 27 ] ولم يشتهر منه معجزة ولكن العلماء قالوا : إظهار الدعوة مع أولئك الأقوام من غير مبالاة وتوانٍ آية من الآيات . وقوله : { عن قولك } حال من الضمير كأنه قيل : وما نترك آلهتنا صادرين عن قولك { وما نحن لك بمؤمنين } لا يصدق مثلنا مثلك أبداً . ثم زعموا أن بعض آلهتهم اعتراه بسوء أي غشيه وأورثه الخبل والجنون لأنه كان يسب آلهتهم وذلك قولهم : { إن نقول إلا اعتراك } وإلا لغو أي ما نقول شيئاً إلا هذا القول فمن ثم يتكلم بكلام المجانين . والمراد أن الأصنام كافأته على سوء فعله بسوء الجزاء فأظهر نبي الله الجلادة والثقة بالله فيما هو بصدده وتبرأ منهم ومن شركهم فأشهد الله وذلك إشهاد صحيح . وأشهدهم أيضاً وهذا كالتهاون وقلة المبالاة بهم كقول الرجل لمن نوى قطعه بالكلية : أشهد عليَّ أني لا أحبك تهكماً به . وقد مر قوله : { فكيدوني } الآية في آخر سورة الأعراف . وقوله : { ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها } تمثيل لغاية التسخير ونهاية التدليل ، وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا إطلاقه والمن عليه جزوا ناصيته فكان علامة لقهره . قالت المعتزلة : هذا دليل التوحيد لدلالته على أنه لا مالك إلا هو . وقوله : { إن ربي على صراط مستقيم } دليل العدل . والأشاعرة قالوا : معناه معنى . { إن ربك لبالمرصاد } [ الفجر : 14 ] أي لا يخفى عليه شيء ولا يفوته هارب { فإن تولوا فقد أبلغتكم } كقول القائل إن أكرمتني الآن فقد أكرمتك فيما مضى . والمراد فإن تتولوا فأنا غير معاتب ولا مقصر لأني قد قضيت حق الرسالة . وفي قوله : { ويستخلف } إشارة إلى عذاب الاستئصال وأنه يخلق بعدهم من هو أطوع منهم وأنه لا ينقص من ملكه شيئاً { إن ربي على كل شيء حفيظ } يحفظ أعمال العباد حتى يجازيهم عليها ، أو يحفظني من شرككم وكيدكم ، أو يحفظني من الهلاك { والذين آمنوا معه } قيل : كانوا أربعة آلاف { برحمة منا } أي بفضل وامتنان أو بسبب ما هم فيه من الإيمان والعمل الصالح { ونجيناهم من عذاب غليظ } أطلق التنجية أوّلاً ثم قيدها على معنى وكانت تلك التنجية من عذاب غليظ سموم تدخل في أفواههم وتخرج من أدبارهم فتقطعهم عضواً عضواً . ويحتمل أن يراد بالثانية النجاة من عذاب الآخرة ولا عذاب أغلظ منه . ولما ذكر قصتهم خاطب محمداً وأشار إلى قبورهم وآثارهم بقوله : { وتلك عاد } فانظروا واعتبروا . ثم استأنف وصف أحوالهم مجملة فقال : { جحدوا بآيات ربهم } فلم يتسلقوا من المعجزات إلى صدق الأنبياء ، ولم يرتقوا من الممكنات إلى وجود الواجب بالذات { وعصوا رسله } قيل : لم يرسل إليه إلا هود ، وصح الجمع لأن عصيان رسول واحد يتضمن عصيان كلهم { لا نفرق بين أحد من رسله } [ البقرة : 285 ] { واتبعوا أمر كل جبار عنيد } أطاعوا رؤساءهم وكبراءهم المتمردة والمعاندة ولهذا جعلت اللعنة تابعة لهم في الدارين . وفي تكرير " ألا " والنداء على كفرهم ، والدعاء عليهم بالبعد بعد إهلاكهم دلالة على تفظيع شأنهم وأنهم كانوا مستأهلين للدعاء عليهم بالهلاك ، ويحتمل أن يراد البعد من رحمة الله في الآخرة . وقوله : { قوم هود } عطف بيان لعاد إما للتأكيد ومزيد التقرير ، وإما لأن عاداً عادان القديمة التي هي قوم هود ، والأخرى وهي إِرم . قوله في قصة ثمود { هو أنشأكم } تقديم الضمير للحصر أي لم ينشئكم إلا هو ، ومعنى الإنشاء من الأرض أن الكل مخلوق من صلب آدم وهو مخلوق من الأرض . ويمكن أن يقال : إن الإنسان مخلوق من المني وهو يحصل من الغذاء والغذاء ينتهي إلى النبات ثم إلى الأرض . وقيل : إن " من " بمعنى " في " . { واستعمركم } من العمارة أي جعلكم عماراً للأرض ، وأمركم بالعمارة . فمنها واجب وندب ومباح ومكروه ، وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار فعمروا الأعمار الطوال مع ما كان منهم من الظلم . فسأل نبي من أنبياء زمانهم ربه عن سبب تعميرهم فأوحى إليه أنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي وقيل : من العمر نحو استبقاكم من البقاء . وقيل : من العمرى . ومعناه أعمركم الله فيها دياركم ثم هو وارثها منكم عند انقضاء أعماركم . أو جعلكم معمرين دياركم فيها لأن الرجل إذا ورّث داره من بعده فكأنه أعمره إياها لأنه يسكنها عمره ثم يتركها لوارثه . ومعنى كونه تعالى قريباً قد مر في قوله : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } [ البقرة : 186 ] وذلك في " البقرة " { قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً } عن ابن عباس : فاضلاً خيراً نقدمك على جميعنا . وقيل : كنا نظن بك الرشد والصلاح وكمال العقل وإصابة الرأي . وقيل : كنت تعطف على فقيرنا وتعيد ضعيفنا وتعود مرضانا فظننا أنك من الأنصار والأحباب وأهل الموافقة في الدين ، فكيف أظهرت العداوة والبغضاء ؟ ثم أضافوا إلى هذا الكلام التمسك بالتقليد ومتابعة الآباء ، ثم صرحوا بالتوقف والريب في أمره . ومريب من أرابه إذا أوقعه في الريبة ، أو من أراب الرجل إذا كان ذا ريبة وهو من الإِسناد المجازي واعلم أن قوله { وإنا لفي شك } بنون الوقاية ههنا على الأصل ، وأما في سورة إبراهيم فإنما قال : { وإنا } بغير نون الوقاية لقوله بعده : { تدعوننا } [ الآية : 9 ] على الجمع فكان اجتماع النونات مستكرهاً . فأجابهم هو بقوله : { إن كنت على بينة } الآية . وبنى أمره على الفرض والتقدير لأن خطاب المخالف على هذا الوجه أقرب إلى القبول كأنه قال : قدروا أني على بينة { من ربي } وأني نبي على الحقيقة فمن يمنعني من عذاب الله { إن عصيته } في أوامره { فما تزيدونني غير تخسير } أي على هذا التقدير تخسرون أعمالي وتبطلونها ، أو فما تزيدونني بما تحملونني عليه إلا أني أنسبكم إلى الخسران وأقول إنكم خاسرون . والمعنى الأول أقرب لأنه كالدلالة على أن متابعتهم لا تزيده إلا خسران الدارين . { ويا قوم هذه ناقة الله } قد مر تفسيره في " الأعراف " . ومعنى { عذاب قريب } عاجل لا يستأخر إلا ثلاثة أيام و { غير مكذوب } من باب الاتساع أي غير مكذوب فيه فحذف الحرف . وأجرى الضمير مجرى المفعول به أو من باب المجاز كأن الوعد إذا أوفى به فقد صدق ولم يكذب أو المكذوب مصدر كالمجلود وصف به . قوله : { فلما جاء أمرنا } بالفاء . وفي قصة هود بالواو ولمكان التعقيب ههنا بدليل قوله : { عذاب قريب } ومثله في قصة لوط لقوله : { أليس الصبح بقريب } [ هود : 81 ] وأما في قصة هود فإنه قال : { ويستخلف } بلفظ المستقبل ومثله في قصة شعيب { سوف تعلمون من يأتيه } بحرف التسويف فلم يكن الفاء مناسباً . واعتبر هذا المعنى في سائر المواضع كما في سورة يوسف قال : { ولما جهزهم } [ الآية : 59 ] بالواو أوّلاً لأن التعقيب لم يكن مراداً ثم قال : { فلما جهزهم } [ الآية : 70 ] لمكان التعقيب والله أعلم . قوله : { ومن خزي يومئذٍ } معطوف على محذوف والتقدير نجينا صالحاً ومن معه من العذاب النازل بقومه ومن الخزي الذي لزمهم ، أو يتعلق بمعطوف محذوف أي ونجيناهم من خزي يومئذ كما قال : { ونجيناهم من عذاب غليظ } والمعنيان كما قلنا هناك . والقراءتان في { يومئذٍ } لأن الظرف المضاف إلى " إذ " يجوز بناؤه على الفتح ، والتنوين في " إذ " عوض من المضاف إليه أعني الجملة ، والتقدير يوم إذ كان كذا وكسر الذال للساكنين { إن ربك هو القوي العزيز } القادر الغالب فمن قدرته ميز المؤمن من الكافر ، ومن عزته وقهره أهلك الكفار بالصيحة التي سمعوها من جانب السماء إما بواسطة جبرائيل وإما لإحداثها في سحاب مع برق شديد محرق . وإنما تصير الصيحة سبباً للهلاك لأن التموج الشديد في الهواء يوجب تأذي صماخ الإنسان ، وقد يتمزق غشاء الدماغ بذلك ، والأعراض النفسانية أيضاً إذا قويت أوجبت الموت وتمام القصة مذكور في سورة الأعراف ، وقوله : { ألا إن ثمود } إلى آخره . شبيه بما مر في قصة هود ، والتأويل كما مر في سورة الأعراف والله أعلم .