Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 31-56)
Tafsir: Ġarāʾib al-Qurʾān wa-raġāʾib al-furqān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءات : { سقفاً } بالفتح فالسكون : ابن كثير وأبو عمرو ويزيد . الباقون : بضمتين على الجمع كرهن ورهن . قال أبو عبيدة : لا ثالث لهما ( لما ) بالتشديد : عاصم وحمزة بمعنى إلا فـ { إن } نافية . الآخرون : بالتخفيف فـ " إن " مخففة واللام فارقة كما مر في آخر هود { يقيض } على الغيبة والضمير للرحمن : يعقوب وحماد . الآخرون : بالنون { جاءنا } على الوحدة والضمير للعاشي : حمزة وعلي وخلف وعاصم غير أبي بكر وحماد ويعقوب . الباقون : بألف التثنية والضمير للعاشي والقرين { أنكم في العذاب } بالكسر : ابن مجاهد والنقاش عن ابن ذكوان { أيه الساحر } بضم الهاء مثل { أيه المؤمنون } وقد مر في " النور " { تحتي } بفتح الياء : أبو عمرو وابن كثير ونافع وأبو جعفر { أسورة } كأجربة : حفص وسهل ويعقوب . الآخرون { أساورة } كأشاعرة وهو جمع أسوار بمعنى السوار . وأصله أساوير . إلا أنه عوض من الياء هاء في آخره { سلفاً } بضمتين : حمزة وعلي وهو جمع سليف . الباقون : بفتحتين جمع سالف كخادم وخدم . الوقوف : { عظيم } ه { رحمت ربك } ط { سخرياً } ط { يجمعون } ه { يظهرون } ه لا { يتكئون } ه لا { وزخرفاً } ط { الدنيا } للمتقين ه { قرين } ه { مهتدون } ه { القرين } ه { مشتركون } ه { مبين } ه { منتقمون } ه لا { مقتدرون } ه { إليك } ط لاحتمال التعليل { مستقيم } ه { ولقومك } ج للتعليق مع سين التهديد { تسئلون } ه { يعبدون } ه { العالمين } ه { يضحكون } ه { من أختها } ز لنوع عدول { يرجعون } ه { لمهتدون } ه { ينكثون } ه { تحتي } ج للاستفهام مع اتحاد الكلام { تبصرون } ه لأن " أم " منقطعة { مقترنين } ه { فأطاعوه } ط { فاسقين } ه { أجميعن } ه { للآخرين } ه . التفسير : هذه حكاية شبهة لكفار قريش ، وذلك أنهم ظنوا أن الفضيلة في المال والجاه الدنيوي فقالوا { لولا نزل هذا القرآن } وفي الإشارة ههنا نوع استخفاف منهم لكتاب الله { على رجل من القريتين } أي من إحداهما يعنون مكة أو الطائف . قال المفسرون : الذي بمكة هو الوليد بن المغيرة ، والذي بالطائف هو عروة بن مسعود الثقفي . ومنهم من قال غير ذلك . وأرادوا بعظم الرجل رياسته وتقدمه في الدنيا فألزمهم الله تعالى بأجوبة أوّلها قوله على سبيل الإنكار { أهم يقسمون رحمة ربك } أي النبوّة فيضعوها حيث شاؤا { نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً } أي خدماً وتابعاً ومملوكاً . واللام لام العاقبة فإن الإنسان خلق مدنياً بالطبع . وقالت المعتزلة : للغرض وإذا كانت المعايش الدنيوية مع حقارتها وخساستها مفوّضة إلى تدبير الله وتسخيره وتقديره دون أحد من خلقه ، فالأمور الدينية والمناصب الحقيقية الأخروية أولى بذلك . وقيل : الرحمة الرزق . ومعنى الآية إنكار أن الرزق منهم فيكف تكون النبوّة منهم ؟ واستدلال السني بالآية ظاهر في أن كل الأرزاق من الله حلالاً كانت أو حراماً . وقالت المعتزلة : الله تعالى قاسم ولكن العباد هم الذين يكسبونها صفة الحرمة بسوءتنا ولهم . والجواب أنه كما قسم الرزق عن الجهة التي بها يصل الرزق إليه فكل بقدره . وثانيها قوله { ورحمة ربك خير مما يجمعون } لأن الدنيا منقضية فانية ودين الله وما يتبعه من السعادات باقٍ لا يزول ، فكيف يجعل العاقل ما هو الأخس أفضل مما هو الأشرف ؟ وثالثها قوله { ولولا } كراهة { أن يكون الناس أمة واحدة } مجتمعين على الكفر { لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم } هو بدل اشتمال وقيل : هما كقولك : وهبت له ثوباً لقميصه في أن اللام للغرض . والمعارج المصاعد أو المراقي جمع معرج كمخلب { عليها } أي على المعارج { يظهرون } يعلون السطوح . والزخرف الزينة أي جعلنا لهم زينة عظيمة في كل باب . وقيل : الذهب أي جعلنا لهم مع ذلك ذهباً كثيراً . أو وجه آخر على هذا التفسير وهو أن يكون معطوفاً على قوله { من فضة } إلا أنه نصب بنزع الخافض أي بعضها من فضة وبعضها من ذهب . والحاصل أنه سبحانه إن وسع على الكافرين كل التوسعة أطبق الناس على الكفر لحبهم الدنيا وتهالكهم عليها مع حقارة الدنيا عند الله تعالى ، وفي معناه قول نبينا صلى الله عليه وسلم : " لو كانت الدنيا تزن عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء " وإنما لم يوسع على المسلمين كلهم لتكون رغبة الناس في الإسلام لمحض الإخلاص لا لأجل الدنيا . ثم بشر المؤمنين بقوله { وإن كل ذلك } إلى آخره . قالت المعتزلة : في الآية دلالة على أن اللطف من الله تعالى واجب ، وفيه أنه تعالى لما لم يفعل بالناس التوسعة لئلا يجتمعوا على الكفر ، فلأن لا يخلق فيهم الكفر أولى . والجواب أن وقوع كل الناس في طريق القهر محذور ، وأما وقوع البعض فضروري كما مر في أول البقرة ، فشتان بين الممتنع الوجود والضروري الوجود فكيف يقاس أحدهما على الآخر ؟ ثم بين أن مادة كل الآفات وأصل جميع البليات هو السكون إلى الدنيا والركون إلى أهلها فإن ذلك بمنزلة الرمد للبصر ويصير بالتدريج كالعشى ثم كالعمى فقال { ومن يعش عن ذكر الرحمن } أي عن القرآن أي يعرف أنه الحق ولكنه يتجاهل . قال جار الله : قرىء بفتح الشين أيضاً . والفرق أنه إذا حصلت آفة في بصره يقال عشي بالكسر أي عمى يعشى بالفتح ، وإذا نظر نظر العشي ولا آفة به قيل عشا أي تعامى . وفيه معنى الإعراض فلهذا عدي بـ " عن " ومعنى { نقيض } نقدر كما مر في " حم " السجدة { وإنهم } أي الشياطين { ليصدونهم } أي العشي عن دين الله { ويحسبون } أي الكفار أن الشياطين والكافرين { مهتدون } وإنما جمع الضميرين لأن { من } عام و { شيطاناً } تابع له . ولا شك أن هذا القرين ملازم له في الآخرة لقوله { حتى إذا جاءنا } الآية وأما في الدنيا فمحتمل بل لازم لقوله صلى الله عليه وسلم : " كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون " ويروى أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره أخذ شيطان بيده ولم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار فذلك حيث يقول { يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين } أي بعد ما بين المشرق والمغرب فغلب كالقمرين . وقيل : المغرب أيضاً مشرق بالنسبة إلى الحركة الثانية وهذا قول أهل السنة . وقيل : مشرق الصيف ومشرق الشتاء وفيه ضعف لأنه لا يفيد مبالغة ، فبين الله تعالى أن ذلك التمني لا ينفعهم وعلله بقوله { أنكم } من قرأ بالكسر فظاهر ، ومن قرأ بالفتح فعلى حذف اللام أي لن ينفعكم تمنيكم لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وقرناؤكم في العذاب كما كنتم مشتركين في سببه وهو الكفر ، ويحتمل أن يكون أن في قراءة الفتح فاعل ينفع أي لن ينفعكم كونكم مشتركين في العذاب . وإن قيل : المصيبة إذا عمت طابت وذلك أن كل أحد مشغول في ذلك اليوم عن حال غيره بحال نفسه . { وإذ } بدل من اليوم ومعناه إذ ظلمكم تبين ووضح لكل أحد . ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان يتحزن على فقد الإيمان منهم فسلاه بقوله { أفأنت } إلى آخره . وقوله { فأما نذهبن بك } أراد به قبض روحه كقوله في " يونس " وفي " المؤمن " { فأما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك } [ الآية : 77 ] الانتقام إما في الآخرة وهو قول الجمهور أو في الدنيا . عن جابر أنه قال : لما نزلت { فإنا منهم منتقمون } قال النبي صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أورده في تفسير اللباب . وقيل : فأما نذهبن بك من مكة فإنا منهم منتقمون يوم بدر . والحاصل أنه تعالى توعد الكفار بعذاب الدنيا والآخرة جميعاً . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم سواء عجلنا لك الظفر والغلبة أو أخرناه إلى الآخرة فكن متمسكاً بما أوحينا إليك فإنه الدين الذي لا عوج له ، وإنه لشرف لك ولقومك أي لجميع أمتك أو لقريش وسوف تسألون هل أديتم شكر هذه النعمة أم لا . قال أهل التحقيق : في الآية دلالة على أن الذكر الجميل أمر مرغوب فيه لعموم أثره وشموله كل مكان وكل زمان خلاف الحياة المستعارة فإن أثرها لا يجاوز مسكن الحي . قلت : الذكر الجميل جميل ولكن الذكر الحاصل من القرآن أجمل رزقنا الله طرفاً من ذلك بعميم فضله . ثم إن السبب الأقوى في بغض الكفار وعداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم إنكاره لأصنامهم ، فبين تعالى أنه غير مخصوص بهذه الدعوة وهذا الإنكار ولكنه دين أطبق كل الأنبياء على الدعاء إليه ، وفي الآية أقوال : أحدها أن المضاف محذوف تقديره واسأل يا محمد أمم من أرسلنا . وقال القفال : المحذوف صلة التقدير واسأل من أرسلنا إليهم من قبلك رسولاً من رسلنا . والمراد أهل الكتابين لأنهم كانوا يرجعون إليهم في كثير من أمورهم نظيره { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك } [ يونس : 94 ] ثانيها أن حقيقة السؤال ههنا ممتنعة ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم والفحص عن مللهم . وثالثها أن التقدير : واسأل جبرائيل عمن أرسلنا . ورابعها أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع له الأنبياء ليلة المعراج في السماء أو في بيت المقدس فأمهم . وقيل له صلى الله عليه وسلم : سلهم . فلم يسأل . وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إني لا أشك في ذلك " قاله ابن عباس . وعن ابن مسعود " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني ملك فقال : يا محمد سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا علام بعثوا ؟ قال : قلت علام بعثوا ؟ قال : على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه " رواه الثعلبي . ولكنه لا يطابق قوله سبحانه { أجعلنا } الآية . وجوز بعضهم أن يكون { من } مبتدأ والاستفهامية خبره والعائد محذوف أي على ألسنتهم ، ومعنى الجعل التسمية والحكم . واعلم أن كفار قريش إنما طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من جهة كونه فقيراً خاملاً وكان فرعون اللعين قد طعن في موسى بمثل ذلك حيث قال { أليس لي ملك مصر } إلى قوله { مهين } [ الزخرف : 52 ] فلا جرم أورد قصة موسى ههنا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم قوله { فلما جاءهم } معطوف على محذوف تقديره فقال إني رسول رب العالمين . فطالبوه إقامة البينة على دعواه فلما جاءهم إلى آخره . قال جار الله : فعل المفاجأة مع إذا مقدر وهو عامل النصب في محلها كأنه قيل : فلما جاءهم بآياتنا فاجأ وقت ضحكهم استهزاء أو سخرية . قوله : { وما نريهم } حكاية حال ماضية . وفي قوله { هي أكبر من أختها } وجهان : أحدهما أن كلاً منها مثل شبيهتها التي تقدمت ، وكل من رأى واحدة منها حكم بأنها حكم كبراها لتكافؤ كل منها في الكبر . وإذا كان هذا الحكم صادقاً على كل منها فكلها كبار كما قال الحماسي : من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم . مثل النجوم التي يسري بها الساري وثانيها أن يقال : إن الآية الأولى كبيرة والتي تليها أكبر من الأولى ، والثالثة أكبر من الثانية ، وكذلك ما بعدها . هذا القدر مستفاد من الآية ، وأما تفصيل هذا التفضيل فلعله لا يطلع عليه إلا خالقها ومظهرها . { وأخذناهم بالعذاب } السنين ونقص من الثمرات إلى سائر ما ابتلوا به . قالت المعتزلة : { لعلهم يرجعون } أي إرادة أن يرجعوا فورد عليهم أنه لو أراد رجوعهم لكان . وأجابوا بأنه لو أراد قسراً لكان ولكنه أراد مختاراً ، وزيف بأنه لو أراد أن يقع طريق الاختيار لزم أن يقع أيضاً مختاراً . أما الفرق فالصواب أن يقال : " لعل " للترجي ولكن بالنسبة إلى المكلف كما مر مراراً { وقالوا يا أيه الساحر } أي العالم الماهر ولم يكن السحر عندهم ذماً بل كانوا يستعظمونه ولهذا قالوا { إننا لمهتدون } وقيل : كانوا بعد على كفرهم فلهذا سموه ساحراً . وقولهم { إننا لمهتدون } وعد منوي إخلافه . وقولهم { ادع لنا ربك بما عهد عندك } أي بعهده عندك من أن دعوتك مستجابة وقد مر في " الأعراف " { ونادى فرعون } أي أمر بالنداء { في } مجامع { قومه } أو رفع صوته بذلك فيما بين خواصه فانتشر في غيرهم . والأنهار أنهار النيل . قال المفسرون : كانت ثلثمائة وستين نهراً ومعظمها أربعة : نهر الملك ونهر طالوت ونهر دمياط ونهر منفيس . كانت تجري تحت قصره وقيل : تحت سريره لارتفاعه . وقيل : بين يدي في جناتي وبساتيني . وعن عبد الله ابن المبارك الدينوري في تفسيره : أنه أراد بالأنهار الجياد من الخيل وهو موافق لما جاء في الحديث في فرس أبي طلحة " وإن وجدناه لبحراً " وقال الضحاك : معناه وهذه القواد والجبابرة تحت لوائي . قال النحويون : إما أن تكون الواو عاطفة للأنهار على ملك مصر و { تجري } نصب على الحال ، أو الواو للحال وما بعده جملة محلها نصب . وفي " أم " أقوال منها قول سيبويه إنها متصلة تقديره أفلا تبصرون أم تبصرون إلا أنه وضع قوله { أنا خير } موضع { تبصرون } لأنهم إذا قالوا له أنت خير فهم عنده بصراء ، فهذا من إنزال السبب منزلة المسبب لأن الإبصار سبب لهذا القول بزعمه . ومنها أنها منقطعة لأنه عدد عليهم أسباب الفضل ثم أضرب عن ذلك ثانياً . أثبت عندكم أني خير . ومنها أن التقدير أفلا تبصرون أني خير أم أبصرتم ثم استأنف فقال أنا خير ، والمهين من المهانة أي الحقارة والضعف أراد أنه فقير ولا عدد معه ولا عدة { ولا يكاد يبين } الكلام لأن عقدته لم تزل بالكلية كما شرحنا في " طه " . وإلقاء الأسورة عليه عبارة عن تفويض مقاليد الملك إليه ، كانوا إذا أرادوا تشريف الرجل سوروه بسوار وطوقوه بطوق من ذهب وغيره أي ليس معه آلات الملك والسياسة ، أو ليس معه حلية وزي حسن كما أن الملوك يشهرون رسلهم بالخلع والمكرمات وبأشخاص يتبعونهم فلذلك قالوا { أو جاء معه الملائكة مقترنين } به أو يقترن بعضهم ببعض { فاستخف قومه } أي حملهم على أن يخفوا له في الطاعة أو استخف عقولهم واستجهلهم { فأطاعوه } وهذه من عادة اللئام كما قيل : العبد لا يردعه إلا العصا : @ وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا @@ ومعنى { آسفونا } أغضبونا وأغضبوا رسلنا { فجعلناهم سلفاً } أي متقدمين وعبرة للمتأخرين ليعتبروا من حالهم فلا يقدموا على مثل أفعالهم وإليه المآب .