Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 1-37)
Tafsir: Ġarāʾib al-Qurʾān wa-raġāʾib al-furqān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءات : { وفي خلقكم } مدغماً : عباس . { آيات } بالنصب في الموضعين : حمزة وعلي ويعقوب { الريح } على التوحيد : حمزة وعلي وخلف { يؤمنون } على الغيبة : أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وسهل وحفص { أليم } مذكور في " سبأ " { لنجزي } بالنون : ابن عامر وحمزة وعلي وخلف { ليجزي } بالياء مبنياً للمفعول { قوم } بالرفع : يزيد . الباقون : مبنياً للفاعل { قوماً } سواء بالنصب : حمزة وعلي وخلف وحفص وروح وزيد { غشوة } بفتح الغين وسكون الشين من غير ألف : حمزة وعلي وخلف 3 { كل أمة تدعي } بالنصب على الإبدال من الأول : يعقوب { الساعة } بالنصب : حمزة { لا يخرجون } من الخروج حمزة وعلي وخلف . الوقوف : { حم } كوفي ه { الحكيم } ه { للمؤمنين } ه ط ومن نصب ، { آيات } لم يقف لأنها عطف المفردين على المفردين وهما الخبر واسم أن المفردين { يوقنون } ه لا للعطف على { عاملين } كما يجيء { يعقلون } ه { بالحق } ج للاستفهام مع الفاء { يؤمنون } ه { أثيم } ه { يسمعها } ج لانقطاع النظم مع فاء التعقيب { أليم } ه { هزواً } ط { مهين } ه ط لأنه لو وصل اشتبه بأنها وصف { عذاب جهنم } ج لعطف المختلفين { أولياء } ج لذلك { عظيم } ه { هدى } ط لأن ما بعده مبتدأ مع العاطف { أليم } ه { تشكرون } ه ج للآية مع العطف { منه } ط { يتفكرون } ج { يكسبون } ه { فلنفسه } ج { فعليها } ز لأن " ثم " لترتيب الأخبار مع اتحاد القصة { ترجعون } ه { العالمين } ه ج للآية والعطف { من الأمر } ج لعطف المختلفتين { بينهم } ط { يختلفون } ه { لا يعلمون } ه { شيئاً } ج { بعض } ج للتمييز بين الحالين المختلفين مع اتفاق الجملتين { المتقين } ه { يوقنون } ه { الصالحات } قف ومن نصب { سواء } لم يقف . { ومماتهم } ط { يحكمون } ه { لا يظلمون } ه { غشاوة } ط { من بعد الله } ط { تذكرون } ه { الدهر } ج لاحتمال الواو الحال { من علم } ج لانقطاع النظم مع اتصال المعنى { يظنون } ه { صادقين } ه { لا يعلمون } ه { والأرض } ط { المبطلون } ه { جاثية } قف لمن قرأ { كل } بالرفع { كتابها } ط { تعملون } ه { بالحق } ه ط { تعملون } ه { في رحمته } ط { المبين } ه { مجرمين } ه { ما الساعة } لا تحرزاً عن الابتداء بقول الكفار { بمستيقنين } ه { يستهزؤون } ه { ناصرين } ه { الدنيا } ج للعدول عن الخطاب إلى الغيبة { يستعتبون } ه { العالمين } ه { والأرض } ص لعطف الجملتين المتفقتين { الحكيم } ه . التفسير : إعراب أول السورة وتفسيرها كإعراب أول " المؤمن " وتفسيره وقوله { إن في السموات } إما أن يكون على ظاهره وآياتها الشمس والقمر والنجوم وحركاتها وأوضاعها وكذا العناصر والمواليد التي في الأرض مما يعجز الحاصر عن إدراك أعدادها ، وإما أن يراد إن في خلق السموات والأرض فالآيات تشمل ما عددنا مع زيادة هيئتهما وما يتعلق بتشخيصهما . استدل الأخفش بالآية الثالثة على جواز العطف على عاملين . مختلفين وهما في قراءة النصب " أن " وفي أقيمت الواو مقامها فعملت الجر في اختلاف الليل ، والنصب في آيات وهما في قراءة الرفع الابتداء وفي . وخرج لسيبويه في جوابه وجهان : أحدهما أن قوله { آيات } تكرار محض للتأكيد فقط من غير حاجة إلى ذكرها كما تقول : إن في الدار زيداً وفي الحجرة زيداً والمسجد زيداً ، وأنت تريد أن في الدار زيداً والحجرة والمسجد . والثاني إضمار في لدلالة الأول عليه ، ويحتمل أن ينتصب { آيات } على الاختصاص . ويرتفع بإضمار هي . وتفسير هذه الآيات قد مر في نظائرها مراراً ولا سيما في أواسط " البقرة " ومما يختص بالمقام أنه خص المؤمنين بالذكر أولاً ثم قال { لقوم يوقنون } ثم { يعقلون } فما سبب هذا الترتيب ؟ قال الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله : أراد إن كنتم مؤمنين فافهموا هذه الدلائل وإلا فإن كنتم طلاب الحق واليقين فافهموا هذه الدلائل ، وإن كنتم لستم من المؤمنين ولا من الموقنين فلا أقل من أن تكونوا من زمرة العاقلين ، فاجتهدوا في معرفة هذه الدلائل ، وقال جار الله : معناه إن المنصفين من العباد إذا نظروا في السموات والأرض النظر الصحيح علموا أنها لا بد لها من صانع فآمنوا به وأقروا ، فإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال . وفي خلق ما بث من الدواب على ظهر الأرض ، ازدادوا إيماناً وأيقنوا وانتفى عنهم اللبس ، وإذا نظروا في سائر الحوادث كاختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار التي هي سبب الأرزاق وحياة الأرض بعد موتها ، وتصريف الرياح جنوباً وشمالاً وقبولاً ودبوراً ، عقلوا واستحكم عقلهم وخلص يقينهم . وأقول : الدلائل المذكورة في هذه الآيات قسمان : نفسية وخارجية . فالنفسية أولى بالإيقان لأنه لا شيء أقرب إلى الإنسان من نفسه ، والخارجية بعضها فلكية وبعضها آثار علوية . فالفلكية لبعدها عن الإنسان اكتفى فيها بمجرد التصديق ، وأما الآثار العلوية فكانت أولى بالنظر والاستدلال لقربها وللإحساس بها فلا جرم خصت بالتعقل والتدبر ، وأما تقديم السموات على الأرض فلشمولها ولتقدمها في الوجود . { تلك } مبتدأ والتبعيد للتعظيم والمشار إليها الآيات المتقدمة و { نتلوها } في محل الحال . وقوله { بعد الله وآياته } كقولهم : أعجبني زيد وكرمه . وأصله بعد آيات الله . والمعنى أن من لم يؤمن بكلام الله فلن يؤمن بحديث سواه . وقيل : معناه القرآن آخر كتب الله ، ومحمد آخر رسله . فإن لم يؤمنوا به فبأي كتاب بعده يؤمنون ولا كتاب بعده ولا نبي . ثم أوعد الناس المبالغين في الإثم وقد مر ما في الآية في سورة لقمان . قوله { وإذا علم } أي شعر وأحس بأنه من جملة القرآن المنزل خاض في الاستهزاء ، وإذا وقف على آية لها محل في باب الطعن والقدح افترضه وحمله على الوجه الموجب للطعن كافتراض ابن الزبعري في قوله { إنكم وما تعبدون من دون الله } [ الأنبياء : 98 ] وإنما أنّث الضمير في قوله { اتخذها } لأن الشيء في معنى الآية أو لأنه أراد أن يتخذ جميع الآيات هزواً ولا يقتصر على الاستهزاء بما بلغه . قوله { من ورائهم جهنم } كل ما توارى عنك فهو وراء تقدم أو تأخر ، وقد مر في سورة إبراهيم عليه السلام { هذا هدى } أي هذا القرآن كامل في باب الهداية والإرشاد . ثم ذكر دليلاً آخر على الوحدانية وهو تسخير البحر لبني آدم وقد سبق وجه الدلالة مراراً . وقوله { ولتبتغوا } أي بسبب التجارة أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان أو باستخراج اللحم الطري . ثم عمم بعد التخصيص وقوله { منه } في موضع الحال أي سخر جميع ما في السموات والأرض كائنة منه ، يريد أنه أوجدها بقدرته وحكمته ثم سخرها لخلقه ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هذه النعم كلها منه . عن ابن عباس برواية عطاء أن الصحابة نزلوا في غزوة بني المصطلق على بئر - يقال لها المريسيع - فأرسل عبد الله بن أبيّ غلامه ليستقي الماء فأبطأ عليه فلما أتاه قال له : ما حبسك ؟ قال : غلام عمر قعد على رأس البئر فما ترك أحداً يستقي حتى ملأ قرب النبي وقرب أبي بكر وملأ لمولاه . فقال عبد الله : ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل : سمن كلبك يأكلك فبلغ قوله عمر فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه فأنزل الله تعالى { قل للذين آمنوا } يعني عمر { يغفروا للذين لا يرجون أيام الله } لا يتوقعون وقائعه بأعداء الله أو لا يأملون قوة المؤمنين في أيام الله الموعودة لهم ، والمراد الصفح والإعراض . عن عبد الله بن أبي وفي رواية ميمون بن مهران عن ابن عباس : لما نزلت { من ذا الذي يقرض الله } [ البقرة : 245 ] قال اليهودي فنحاص بن عازوراء : احتاج رب محمد فبلغ ذلك عمر فأخذ سيفه فخرج في طلبه ، فجاء جبرائيل وأنزل الآية هذه . وليس المقصود أن لا تقتلوا ولا تقاتلوا حتى يلزم نسخها بآية القتال كما ذهب إليه كثير من المفسرين ، ولكن الأولى أن يحمل على ترك المنازعة في المحقرات وفي أفعالهم الموحشة المؤذية ، وإنما أنكر { قوماً } مع أنه أراد بقوم الذين آمنوا وهم معارف ليدل على مدحهم والثناء عليهم كأنه قيل : لنجزي قوماً كاملين في الصبر والإغضاء على أذى الأعداء { بما كانوا يكسبون } من الثواب العظيم بكظم الغيظ واحتمال المكروه ، وقيل : القوم هم الكافرون الكاملون في النفاق . ثم فصل الجزاء وعمم الحكم بقوله { من عمل صالحاً } الآية . ثم بين أن للمتأخرين من الكفار أسوة بالمتقدمين منهم والكتاب التوراة والحكم بيان الشرائع والبينات من الأمر أدلة أمور الدين . وقال ابن عباس : يريد أنه تبين لهم من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أنه مهاجر من تهامة إلى يثرب . وقيل : هي المعجزات القاهرة على صحة نبوة موسى { فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم } فيه احتمالان : أحدهما علموا ثم عاندوا ، والثاني جاءهم أسباب المعرفة التي لو تأملوا فيها لعرفوا الحق ولكنهم أظهروا النزاع حسداً . { ثم جعلناك على شريعة } أي منهاج وطريقة { من الأمر } أمر الدين وقيل : من الأمر الذي أمرنا به من قبلك من رسلنا . قال الكلبي : إن رؤساء قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة ارجع إلى ملة آبائك وهم كانوا أفضل منك وأسن فزجره الله تعالى عن ذلك بقوله { ولا تتبع } إلى آخره أي لو ملت إلى أديانهم الباطلة لصرت مستحقاً للعذاب وهم لا يقدرون على دفعه عنك . ثم أشار بعد النهي عن اتباع أهوائهم بقوله { ولا تتبع } أتباعهم إلى الفرق بين ولاة الظالمين وهم أشكالهم من الظلمة ، وبين ولي المتقين وهو الله سبحانه . ومن جملة آثار ولايته وبركة عنايته { هذا } القرآن . وقيل : ما تقدم من اتباع الشريعة وترك طاعة الظالم وجعل القرآن مشاراً إليه أولى لقوله { بصائر من ربكم } إلى آخره . وقد مر في آخر " الأعراف " مثله . ثم بين الفرق بين الظالمين والمتقين من وجه آخر قائلاً { أم حسب } قال جار الله : " أم " منقطعة والآية نظيرة ما سلف في " ص " { أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين } [ الآية : 28 ] والاجتراح الاكتساب . من قرأ { سواء } بالنصب فمعناه مستوياً والظاهر بعده فاعله ويكون انتصابه على البدل من ثاني مفعولي { نجعل } وهو الكاف . من قرأ بالرفع بخبر { ومحياهم } مبتدأ والجملة بدل أيضاً لأن الجملة تقع مفعولاً ثانياً . والمعنى إنكار أن يستوي الفريقان حياة وموتاً ، لأن المحسنين عاشوا على الطاعة وإنهم عاشوا على المعصية ومات أولئك على البشرى والرحمة ، ومات هؤلاء على الضد . وقيل : معناه إنكار أن يستويا في الممات كما استووا في الحياة من حيث الصحة والرزق ، بل قد يكون الكافر أرجح حالاً من المؤمن . فالفرق المقتضي لسعادة المؤمن وشقاوة الكافر إنما يظهر بعد الوفاة . وقيل : إنه كلام مستأنف ، والمراد أن كلاً من الفريقين يموت على حسب ما عاش عليه لقوله صلى الله عليه وسلم : " كما تعيشون تموتون " وحين أفتى بأن المؤمن لا يساويه الكافر في درجات السعادات استدل على صحة هذه الدعوى بقوله { وخلق الله } الآية . قال جار الله : { ولتجزى } معطوف على { بالحق } لأنه في معنى التعليل أي للعدل ، أو ليدل بها على قدرته وللجزاء . ويجوز أن يكون المعلل محذوفاً وهو فعلنا ونحوه . والحاصل أن الغاية من خلق السماء والأرض كان هو الإنسان الكامل فكيف يترك الله جزاءه وجزاء من هو ضده والتميز بينهما بموجب العدالة . ثم قرر أسباب ضلال المضلين قائلاً { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه } أي يتبع ما تدعو إليه نفسه الأمارة وقد مر في الفرقان { وأضله الله على علم } بحالة أنه من أهل الخذلان والقهر ، أو على علم الضلال في سابق القضاء ، أو على علم بوجوه الهداية وإحاطته بالألطاف المحصلة لها . وقيل : أراد به المعاند لأن ضلاله عن علم { فمن يهديه من بعد } إضلال { الله } قال بعض العلماء : قدم السمع على القلب في هذه الآية وبالعكس في " البقرة " لأن كفار مكة كانوا يبغضونه بقلوبهم وما كانوا يستمعون إليه وكفار المدينة ، كانوا يلقون إلى الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم شاعر وكاهن وأنه يطلب الملك والرياسة ، فالسامعون إذا سمعوا ذلك أبغضوه ونفرت قلوبهم عنه . ففي هذه الصورة على هذا التقدير كان الأثر يصعد من البدن إلى جوهر النفس ، وفي الصورة الأولى كان الأثر ينزل من جوهر النفس إلى قرار البدن ، فورد ما في كل سورة على ترتيبه . ثم ذكر من أسباب الضلال سبباً آخر وهو إنكارهم البعث معتقدين أن لا حياة إلاّ هذه . وليس قولهم الدنيا تسلماً لثانية وإنما هو قول منهم على لسان المقرين وبزعمهم { نموت ونحيى } فيه تقديم وتأخير على أن الواو لا توجب الترتيب . وقيل : يموت الآباء وتحيا الأبناء وحياة الأبناء حياة الآباء ، أو يموت بعض ، ويحيا بعض ، أو أرادوا بكونهم أمواتاً حال كونهم نطفاً ، أو هو على مذهب أهل التناسخ أي يموت الرجل ثم تجعل روحه في بدن آخر . ثم إنهم لم يقنعوا بإنكار المعاد حتى ضموا إليه إنكار المبدأ قائلين { وما يهلكنا إلا الدهر } اعتقدوا أن تولد الأشخاص وكون الممتزجات وفسادها ليس إلا بسبب مزاوجات الكواكب . ولا حاجة في هذا الباب إلى مبدىء المبادىء فأجاب الله عن شبهتهم بقوله { وما لهم بذلك من علم } أي ليس لهم على ما قالوه دليل وإنما ذكروا ذلك ظناً تخميناً واستبعاداً فلا ينبغي للعاقل أن يلتفت إلى قولهم ، لأن الحجة قامت على نقيض ذلك وهي دليل المبدأ والمعاد المذكور مراراً وأطوراً . وليس قولهم { ائتوا بآبائنا } من الحجة في شيء لأنه ليس كل ما لا يحصل في الحال فإنه يمتنع حصوله في الاستقبال بدليل الحادث اليومي الممتنع حصوله في الأمس ، فوجه الاستثناء أنه في أسلوب قوله : @ تحية بينهم ضرب وجيع @@ وحين بكتهم وسكتهم صرح بما هو الحق وقال { قل الله يحييكم } إلى آخره . ثم أراد أن يختم السورة بوصف يوم القيامة وما سيجري على الكفار فيه فقال { ويوم تقوم الساعة } العامل فيه يخسر وقوله { يومئذ } بدل من { يوم } وفيه تأكيد للحصر المستفاد من تقديم الظرف . قال ابن عباس : الجاثية المجتمعة للحساب المترقبة لما يعمل بها . وقيل : باركة جلسة المدعي عند الحاكم . وقيل : مستوفزاً لا يصيب الأرض إلا ركبتاه وأطراف أنامله . والجثو للكفار خاصة . وقيل : عام بدليل قوله بعد ذلك { فأما الذين آمنوا } { وأما الذين كفروا } { تدعى إلى كتابها } يريد كتاب الحفظة ليقرؤه . وقال الجاحظ : إلى كتاب نبيها فينظر هل عملوا به أم لا . ويقال : يا أهل التوراة يا أهل القرآن . { اليوم تجزون } بتقدير القول ومما يؤيد القول الأول قوله { هذا كتابنا } إلى قوله { إنا كنا نستنسخ } أي نأمر بالنسخ . وإضافة الكتاب تارة إليهم وأخرى إلى الله عز وجل صحيحة لأن الإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة ، فأضيف إليهم لأن أعمالهم مثبتة فيه ، وأضيف إلى الله سبحانه لأنه أمر ملائكته بكتبه . قوله { أفلم تكن } القول فيه مقدر أي فيقال لهم ذلك قوله { إن نظن إلا ظناً } قال أبو علي والأخفش : هذا الكلام جار على غير الظاهر لأن كل من يظن فإنه لا يظن إلا الظن ، فتأويله أن ينوي به التقديم أي ما نحن إلا نظن ظناً . وقال المازني : تقديره إن نظن نحن إلا ظناً منكم أي أنتم شاكون فيما تزعمون وما نحن بمستيقنين أنكم لا تظنون . وقال جار الله : أصله نظن ظناً ومعناه إثبات الظن فحسب . فأدخل أداة الحصر ليفيد إثبات الظن مع نفي ما سواه وأقول : الظن قد يطلق على ما يقرب من العلم ، ولا ريب أن لهذا الرجحان مراتب وكأنهم نفوا كل الظنون إلا الذي لا ثبوت علم فيه وأكدوا هذا المعنى بقوله { وما نحن بمستيقنين } وباقي السورة واضح مما سلف والله أعلم .