Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 105, Ayat: 1-5)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه السورةُ تنبيهٌ على العِبرَةِ في أخذِ اللَّهِ تعالى لأَبْرَهَةَ أميرِ الحَبَشَةِ ، حينَ قَصَدَ الكعبةَ ليهدمَها ، وكانَ صاحبَ فيلٍ يَرْكَبُه ، وقصتُه شهيرةٌ في السِّيرَ فِيها تطويلٌ ، واختصارها أن أبرهَة بَنَى في اليمنِ بَيْتاً وأرادَ أن يَرِدَ إليه حجُّ العَرَبِ ، فذهبَ أعرابي وأحْدَثَ في ذلك البيتِ ، فَغَضِبَ أَبْرَهَةُ واحْتَفَلَ في جُمُوعِه ، ورَكِبَ الفيلَ وقَصَدَ مكةَ ، فَلمَّا قَرُبَ منها ، فَرَّتْ قريشٌ إلى الجبالِ والشِّعَابِ من مَعَرَّةِ الجيْشِ ، ثم تَهَيَّأ أبرهةُ لدخولِ مكةَ وَهَيَّأَ الفيلَ ، فأخَذَ نُفَيْلُ بنُ حَبِيبٍ بِأُذُنِ الفيلِ وكان اسمه محموداً ، فقال له : ابْرُكْ ، محمودُ ؛ فَإنَّكَ في حَرَمِ اللَّه ، وارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جئتَ رَاشِداً ، فَبَرَكَ الفِيلُ بِذِي الغَمِيسِ ، فَبَعَثُوهُ فَأَبَى فَضَرَبُوا رأسه بالمِعْوَلِ ، ورَامَوْهُ بِمَحَاجِنِهِمْ فَأَبَى ، فَوَجَّهُوه رَاجِعاً إلى اليمنِ ، فَقَام يُهَرْوِلُ ، فبعثَ اللَّه عليهم طَيْراً جماعاتٍ جماعاتٍ سُوداً مِنَ البَحْرِ ، عِنْدَ كُلِّ طَائرٍ ثَلاَثَةُ أحْجَارٍ ؛ في منقارِه ، ورِجْلَيْهِ ، كلُّ حَجَرٍ فَوْقَ العَدَسَةِ ودون الْحمَّصَةِ ، ترميهم بهَا ، فَمَاتوا في طريقِهم متفرقينَ وتَقَطَّع أبْرَهَةُ أُنْمَلَةً أُنْمَلَةً حتى مات ، وحَمَى اللَّهُ بيتَه ، والأبابيلُ : الجماعاتُ تَجِيءُ شيئاً بَعْدَ شيءٍ ، قال أبو عبيدةَ : لاَ وَاحِدَ لَهُ مِنْ لفظهِ ، قال الفخر : و { فِى تَضْلِيلٍ } مَعْنَاهُ : في تَضْيِيعٍ وإبْطَالٍ ، يقال : ضَلَّلَ كيدَه ، إذا جعَلَه ضَالاًّ ضَائِعاً ، ونظيرُه قوله تعالى : { وَمَا كَـيْدُ ٱلْكَـٰفِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ } [ غافر : 25 ] انتهى ، والعَصْفُ : وَرَقُ الحِنْطَةِ وتِبْنُه ، والمعنى صَارُوا طَحِيناً ذَاهِباً كَوَرَقِ حِنْطَةٍ أَكَلَتْهُ الدَّوابُّ ، ورَاثَتْهُ ، فَجَمَعَ لَهُمْ المهَانَةَ والخِسَّةَ والتَّلَفَ ، قال الفخر : وقيل المعنى : كَعَصْفٍ صَالحٍ لِلأَكْلِ ، والمعنى جَعَلَهُمْ كَتِبْنٍ تأكُلُه الدَّوَابُّ ؛ وهو قولُ عكرمةَ والضحاك ، انتهى ، ومن كتابِ « وسائل الحاجات وآداب المناجات » للإمام أبي حامد الغزالي ـــ رحمه اللَّه تعالى ـــ قَال : وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصالحينَ وأربابِ القلُوب أنه من قَرأَ في رَكْعَتي الفَجْر ؛ في الأُولَى الفاتحةَ و « ألَمْ نَشْرَحْ » ، وفي الثانيةِ الفاتحةَ و « أَلَمْ تَرَ كَيْفَ » قَصُرَتْ يَدُ كُلِّ عَدُوِّ عنه ، ولم يُجْعَلْ لهم إليه سبيلٌ ، قال الإمام أبو حامد : وهذا صحيح لاَ شَكَّ فِيه ، انتهى .