Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 108, Ayat: 1-3)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال جماعة من الصحابة والتابعين : { ٱلْكَوْثَرَ } نَهْرٌ في الجنةِ حافَّتَاه قِبَابٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ مجوَّفٍ ، وطينُه مِسْكٌ وحَصْبَاؤه يَاقُوتٌ ، ونحوُ هذا مِنْ صفاتِه ، وإنِ اختلفتْ ألْفَاظُ رُوَاتِه ، وقال ابن عباس : الكَوثَرُ : الخَيْرُ الكَثِيرُ قال ابن جُبَيْرٍ : النَّهْرُ الذي في الجنةِ هُو من الخيرِ الذي أعْطَاه اللَّهُ إياه * ت * : وخَرَّجَ مسلمٌ عَنْ أنسٍ قَال : " بينَما رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يومٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ؛ إذْ أغْفَىٰ إغْفَاءَةً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّماً ، فَقَالَ : نَزَلَتْ عَلَيَّ آنِفاً سُورَةٌ ، فَقَرَأَ : { إِنَّا أَعْطَيْنَـٰكَ ٱلْكَوْثَرَ } إلَىٰ آخِرِهَا ، ثُمَّ قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا الكَوْثَرُ ؟ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَإنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ ، هُو حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ " الحديثُ ، انتهى ، وخَرَّج ابنُ ماجه من حديثِ ثَوْبَانَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أوَّلَ مَنْ يَرِدُ عَلى الحَوْضِ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ الدُّنْسُ ثِياباً الشُّعْثُ رُؤوساً ، الَّذِينَ لاَ يَنْكِحُونَ المُتَنَعِّمَاتِ ، وَلاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السُّدَدِ " ، قال الراوي : فبكَىٰ عمرُ بن عبدِ العزيزِ حتَّىٰ ٱخْضَلَّ لِحْيَتُهُ ، حِينَ بلغهُ الحديثُ ، وقال : لاَ جَرَمَ ، إنِّي لاَ أَغْسِلُ ثَوْبِي الَّذِي يَلِي جَسَدِي حَتَّىٰ يَتَّسِخَ ، وَلاَ أَدْهِنُ رَأْسِي حَتَّىٰ يَشْعَثَ ، وخَرَّجَه أبو عيسى الترمذيُّ عن ثَوْبَانَ عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمعناه ، ونَقَلَ صاحبُ « التذكرة » عن أنس بن مالك قال : أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ الحَوْضَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الذَّابِلُونَ النَّاحِلُونَ السَّائِحُونَ الَّذِينَ إذَا أَجَنَّهُمُ اللَّيْلُ ٱسْتَقْبَلُوهُ بِالحُزْنِ ، انتهى من « التذكرة » ، " ورَوَى أبو داودَ في سننِه عن أبي حمزةَ عن زيد بن أرقم قال : كنا مع رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً ، فَقَالَ : مَا أَنْتُمْ جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ جُزْءٍ مِمَّنْ يُرِدُ عَلَي الحَوْضِ ، قَال : قُلْتُ : كَمْ كُنْتُمْ يَومَئِذٍ ؟ قَالَ : سَبْعُمِائَةٍ ، أَوْ ثَمَانِمِائَةٍ " ، انتهى . وقوله تعالى : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } أمْرٌ بالصلاةِ على العمومِ ، والنَّحْرُ نَحْرُ الهَدْيِ ، والنُّسُكِ ، والضَّحَايَا عَلى قول الجمهور . وقوله تعالى : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } ردٌّ على مقالةِ بَعْضِ سفهاءِ قريشٍ كأبي جهل وغيرِه ، قال عكرمةُ وغيرُه : مَاتَ وَلَدٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فقال أَبُو جَهْلٍ : بُتِرَ مُحَمَّدٌ ، فنزلت السُّورةُ ، وقال تعالى : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } أي : المَقْطُوعُ المَبْتُورُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، والشَّانىءُ المُبْغِضُ ، قال الداووديُّ : كل شَانِىء لرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فهو أبْتَرُ ، لَيْسَ له يَوْمَ القيامة شَفِيعٌ ولا حَمِيمٌ يطاعُ ، انتهى .