Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 39-43)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ … } : المعنى أنَّ اللَّه سبحانه يمحو من الأمور ما يشاء ، ويغيِّرها عن أحوالها مما سَبَقَ في علْمه مَحْوُهُ وتغييرُهُ ، ويثبتها في الحَالةِ التي يَنْقُلُها إِليها حَسَبَ ما سَبَقَ في علْمه . قال * ع * : وأصوَبُ ما يفسَّر به { أُمُّ ٱلْكِتَـٰبِ } : أنه كتاب الأمورِ المجزومَةِ التي قدْ سَبَقَ القضاء فيها بمَا هو كائنٌ ، وسبق ألاَّ تبدَّل ويبقَى المحْوُ والتثبيت في الأمور التي سَبَقَ في القضاء أنْ تبدَّل وتمحَى وتُثْبَتَ ؛ قال نحوه قتادة ، وقوله سبحانه : { وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ } : « إِن » : شرطٌ دخلَتْ عليها « ما » ، وقوله : { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } ، « أو » عاطفةٌ ، وقوله : { فَإِنَّمَا } : جوابُ الشرط ، ومعنى الآية : إِنْ نُبَقْكَ يا محمَّد ، لترَى بعض الذي نَعِدُهم ، أو نتوفينَّك قبل ذلك ، فعلى كلا الوجْهَيْن ، فإِنما يلزمُكَ البلاغَ فقَطْ ، والضمير في قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } : عائد على كفَّار قريش ؛ كالذي في { نَعِدُهُمْ } . وقوله : { نَأْتِي } : معناه : بالقُدْرة والأمر . و { ٱلأَرْضَ } : يريد بها ٱسْم الجنس ، وقيل : يريد أرض الكفَّار المذكورين ، المعنى : أو لم يروا أنا نأتي أرْضَ هؤلاء بالفَتْح عليك ، فننقصها بمَا يَدْخُلُ في دِينِكَ من القبائلِ والبلادِ المجاورَة لهم ، فما يؤمنهم أنْ نمكِّنك منْهم أيضاً ؛ قاله ابن عباس ، وهذا على أن الآية مدنيَّةٌ ، ومَنْ قال : إِن الأَرْضَ ٱسْمُ جنسٍ ، جعل ٱنتقاصَ الأرض بتخريبِ العُمْران الذي يُحِلُّه اللَّه بالكُفَّار ، وقيل : ٱلانتقاصُ بمَوْت البشر ، ونقْصِ الثمار والبَرَكَةِ ، وقيل : بموتِ العلماءِ والأخيارِ ؛ قاله ابن عباس أيضاً ، وكلُّ ما ذكر يدخل في لفظ الآية ، وجملةُ معنَى هذه الآية : الموعظَةُ وضَرْبُ المثل ، وقال أبو عمر بن عَبْدِ البَرِّ في كتاب العلم بسنده عن عطاء بن أبي رَبَاح في معنَى { نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } قال : بذَهَابِ فقهائها ، وخيار أهلها ؛ وعن وكيع نحوه . وقال الحسن : نقصانُهَا : هو بظهور المسلمين على المُشْركين . قال أبو عمر : وقول عطاء في تأويل الآية حَسَنٌ جِدًّا ، تلَقَّاه أهل العلْمِ بالقبول ، وقولُ الحسن أيضاً حسن . انتهى . وقوله سبحانه : { فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعًا } : أي : العقوبات التي أحلَّها بهم ، وسمَّاها مكراً على عُرْفِ تسمية العقوبة بٱسْمِ الذنب ، وباقي الآية تحذيرٌ ووعيدٌ . { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً } : المعنى : ويكذِّبك يا محمَّد هؤلاءِ الكفرةُ ؛ ويقولون : لستَ مرسلاً . { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا } : أي : شاهداً بيني وبينكم ، { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَـٰبِ } : قال قتادة : يريدُ مَنْ آمَنَ منهم ؛ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ وغيره ، كَمُلَ تفسيرُ السُّورة ، وصلى اللَّه على سيِّدنا محمَّد وآله وصَحْبِهِ وسلَّم تسليماً .