Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 89-96)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } الآية ، الإدُّ : الأَمرُ الشنِيعُ الصَّعْبُ . * ت * : وقال العِرَاقِي : « إدّاً » ، أَيْ : عَظِيماً ، انتهى . والانْفِطَارُ : الاِنْشِقَاقُ ، والهَدُّ : الاِنْهِدَامُ ، قال محمدُ بنُ كَعْبٍ : كاد أَعداءُ اللّه أَنْ يُقِيمُوا علينا السَّاعَةَ . وقوله : { إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ … } الآية ، إنْ نافيةٌ بمعنى مَا . وقوله : { فَرْدَاً } يتضمنُ عَدَمَ النصير ، والحَوْلِ والقُوّةِ ، أيْ : لا مُجِير له مما يُريد اللّهُ به . وعبارة الثَّعْلَبِيّ : « فرداً » أيْ : وحيداً بعمله ، ليس معه من الدنيا شيءٌ . اهـ . * ت * : وهذه الآيةُ تُنظر إلى قوله تعالى { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ … } الآية [ الأنعام : 94 ] . وقوله تعالى : { سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً } ذهب أكثرُ المفسرين إلى : أن هذا الوُدّ هو القبول الذي يضعه اللّهُ لمن يحب مِنْ عباده ؛ حَسْبَما في الحديث الصَّحيح المأثور ، وقال عُثْمان بن عَفّان - رضي اللّه عنه - : أَنها بمنزلة قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم " من أسَرَّ سَرِيرةً ألْبَسُهُ اللّهُ رِدَاءَها " . * ت * : والحديثُ المتقدِّمُ المُشَارُ إليه أَصلُهُ في « الموطإ » ولفظه : مالك ، عن سُهَيْل بن أبي صالح السَّمان ، عن أَبيه ، عن أَبِي هريرَةَ ؛ أَنَّ رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم قال : " إذَا أَحَبَّ اللّهُ العَبْدَ قَالَ لِجِبْريلُ ، يا جبريل قَدْ أَحْبَبْتُ فُلاَناً فَأَحِبَّهُ ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ : إنَّ اللّهَ أَحَبَّ فُلاَناً ، فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يَضَعُ لَهُ القَبُولَ فِي الأَرْضِ " . وَإذَا أَبْغَضَ الْعَبْدَ ، قَالَ مالكٌ : لا أَحْسبُه إلاَّ قال في البُغْضِ مثلَ ذلك . قال أَبُو عُمرَ بن عبد البرِّ في « التمهيد » ، وممن رَوَى هذا الحدِيثَ عن سُهَيْل ، بإسناده هذا فذكر البُغْضَ من غير شَكٍّ معمرُ وعبدُ العزيز بن المختار ، وحماد بنُ سَلَمة ، قالوا في آخره : وإذَا أَبْغَض بمثل ذلك ، ولم يشكوا . قال أَبو عُمَر : وقد قال المفسِّرُون في قوله تعالى : { سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً } : يُحِبُّهم ويُحبِّبُهم إلى الناس ، وقاله مُجَاهِدٌ ، وابنُ عباس ، ثم أَسند أَبو عُمَرَ عن كْعبٍ أَنه قال : واللّهِ مَا اسْتَقَر لعبدٍ ثَنَاءٌ في أَهْل الدُّنْيَا حتى يَسْتَقِرَّ له في أَهْل السماء . قال كعبٌ : وقرأتُ في التوراة أنه لم تكن مَحَبَّةٌ لأَحَدٍ من أَهْل الأَرْضِ إلاَّ كان بَدّأَها مِنَ اللّه عز وجل ينزلها عَلَىٰ أَهْل السماء ، ثم ينزلها على أهْل الأرض ، ثم قرأت القرآن ، فوجدتُ فيهِ : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً } وأَسْنَد أَبو عمر ، عن قتادة قال : قال هَرِمَ بْنُ حَيَّان : ما أَقْبَلَ عبدٌ بقلبه إلى اللّهِ تعالى إلاَّ أَقبل اللّهُ بقلوب أَهْل الإيمان عليه حَتَّى يرزُقَه مودَّتَهُمْ ورحْمَتَهُمْ . انتهى . قال ابنُ المُبَارَك في « رقائقه » : أَخبرنا سُلَيْمَان بُنِ المُغِيرة ، عن ثابت قال : " قِيلَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، مَنْ أَهْل الجَنَّة ؟ قال : مَنْ لاَ يَمُوتُ حَتَّى يَمْلأَ اللّهُ سَمْعَهُ مِمَّا يُحِبُّ قال : فقيل : يا رسول اللّهِ ، مَنْ أَهْلُ النَّارِ ؟ قال : مَنْ لاَ يَمُوتُ حَتَّىٰ يَمْلأَ اللّهُ سَمْعَهُ مِمَّا يَكْرَهُ " انتهى . قال * ع * : وفي حَدِيثِ أبي هريرة قال : قَالَ رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ عَبْدٍ إلاَّ وَلَهُ في السَّمَاء صِيتٌ ، فَإنْ كَانَ حَسَناً ، وُضِعَ فِي الأَرْضِ حَسَناً ، وإنْ كَانَ سَيِّئاً وُضِعَ في الأَرْضِ سَيِّئاً " . * ت * : وهذا الحديثُ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ في كتاب « الزهد » .