Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 230-232)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ … } الآية : قال ابنُ عَبَّاس وغيره : هو ٱبتداء الطلْقةِ الثالثةِ ؛ قال : * ع * : فيجيء التسريحُ المتقدِّم ترك المرأة تتمُّ ، عِدَّتها من الثانية ، وأجمعتِ الأُمَّةُ في هذه النازلةِ على ٱتباع الحديثِ الصحيحِ " في امرأة رِفَاعَةَ ، حِينَ تزوَّجت عبْدَ الرحمنِ بْنَ الزَّبِيرِ ، فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم : لَعَلَّكِ أَرَدتِّ الرُّجُوعَ إِلَىٰ رِفَاعَةَ ، لاَ ؛ حَتَّىٰ يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ، وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ " ؛ فرأَى العلماء أنه لا يُحِلُّها إِلا الوطءُ . وكلُّهم على أن مَغِيبَ الحَشَفة يُحِلُّ إِلا الحسنَ بْنَ أبي الحَسَن ، قال : لا يحلُّها إِلا الإِنزال ، وهو ذَوْقُ العُسَيْلَةَ ، والذي يُحِلُّها عند مالك النكاحُ الصحيحُ ، والوطْء المُباح . وقوله تعالى : { فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ … } الآية : المعنى : فإِنْ طلَّقها المتزوِّج الثَّاني ، فلا جُنَاح عليهما ، أي : المرأة والزوج الأول . قاله ابن عَبَّاس ، ولا خلاف فيه ، والظنُّ هنا علَىٰ بابه من تغليبِ أحد الجائزَيْن ، وخص الذين يعلمون بالذكْر تشريفاً . وقوله تعالى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ … } الآية : خطابٌ للرجالِ ، نُهِي الرجُلُ أن يطول العدَّة ، مضارَّةً لها ؛ بأن يرتجع قرب ٱنقضائِهَا ، ثم يطلِّق بعد ذلك ؛ قاله الضَّحَّاك وغيره ، ولا خلاف فيه . ومعنَى : { بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } : قاربْنَ ؛ لأنه بعد بلوغ الأجل لا خيار له في الإِمساك ، ومعنى : أمسكوهنَّ راجِعُوهنَّ - و { بِمَعْرُوفٍ } : قِيلَ : هو الإِشهاد - { وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ } ، أي : لا تراجعوهنَّ { ضِرَارًا } ، وباقي الآية بَيِّنٌ . وقوله تعالى : { وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا … } الآية : المرادُ بآياته النازلَةُ في الأوامر والنَّواهِي ، وقال الحسن : نزلَتْ هذه الآية فيمَنْ طَلَّق لاعباً أو هازئاً ، أو راجَعَ كذلك . وقالتْ عائشةُ : قال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : " ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ : النِّكَاحُ ، وَالطَّلاَقُ ، وَالرَّجْعَةُ " . ثم ذَكَّرَ اللَّه عباده بإِنعامه سبحانه علَيْهم بالقرآن ، والسُّنَّة ، و { الْحِكْمَةِ } : هي السُّنَّة المبينة مرادَ اللَّه سبحانه . وقوله تعالى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ … } الآية : خطابٌ للمؤمنين الذين منْهم الأزواج ، ومنهم الأولياءُ ؛ لأنهم المراد في تَعْضُلُوهنَّ ، وبلوغ الأجلِ في هذا الموضِعِ تناهِيهِ ؛ لأن المعنى يقتضي ذلكَ . وقد قال بعضُ النَّاسِ في هذا المعنَىٰ : إِن المراد بـ { تَعْضُلُوهُنَّ } : الأزواجُ ؛ وذلك بأن يكون الاِرتجاعُ مضارَّة ؛ عضْلاً عن نكاحِ الغَيْر ، فقوله : { أَزْوَٰجَهُنَّ } ؛ على هذا ، يعني به : الرجالَ ؛ إِذ منهم الأزواج ، وعلى أن المراد بـ { تَعْضُلُوهُنَّ } الأولياءُ ، فالأزواج هم الذين كُنَّ في عصمتهم . « وَالعَضْل » : المَنْع وهو من معنى التضْييقِ والتعسيرِ ؛ كما يقال : أعْضَلَتِ الدجاجَةُ ، إِذا عَسُر بيضُها ، والدَّاء العُضَال : العسيرُ البرءِ ، وقيل : نزلَتْ هذه الآيةُ في مَعْقِل بْنِ يَسَارٍ ، وأخته ، لما طلَّقها زوجها ، وتمَّتْ عدَّتُها ، أراد ٱرتجاعَهَا ، فمنعَهُ وليُّ المرأة ، وقيل : نزلَتْ في جابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ ، وأختِهِ . وهذه الآيةُ تقتضي ثبوتَ حَقِّ الولي في إِنكاح وليَّته ، وقوله : { بِٱلْمَعْرُوفِ } : معناه : المهر ، والإِشهاد . وقوله تعالى : { ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ } خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ثم رجُوعٌ إِلى خطابِ الجَمَاعة ، والإِشارة في { ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ } إِلى ترك العَضْل ، و { أَزْكَىٰ … وَأَطْهَرُ } : معناه : أطيبُ للنفْسِ ، وأطهر للعِرْضِ والدِّين ؛ بسبب العلاقاتِ التي تكونُ بين الأزواجِ ، وربَّما لم يعلمها الوليُّ ، فيؤدِّي العَضْلُ إِلى الفسادِ ، والمخالطةِ ؛ علَىٰ ما لا ينبغِي ، واللَّه تعالَىٰ يعلَمُ من ذلك ما لا يعلَمُ البَشَر .