Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 92-95)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَلَقَدْ جَآءَكُم مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } : { ٱلْبَيِّنَـٰتُ } : التوراةُ ، والعصَا ، وفَرْقُ البَحْرِ ، وسَائِرُ الآياتِ ، وَ { خُذُواْ مَا ءاتَيْنَـٰكُم } : يعني : التوراةَ والشرْعَ { بِقُوَّةٍ } ، أي : بعزمٍ ، ونشاطٍ . وجِدٍّ . { وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ } : أي : حبَّ العجْلِ ، والمعنى : جُعِلَتْ قلوبهم تَشْربه ، وهذا تشبيهٌ ومجازٌ عبارة عن تمكُّن أمر العِجْل في قلوبهم . وقوله تعالى : { بِكُفْرِهِمْ } يحتمل أن تكون باء السببِ ، ويحتمل أن تكون بمعنى « مَعَ » . وقوله تعالى : { قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَـٰنُكُمْ } أمر لمحمَّد صلى الله عليه وسلم أن يوبِّخهم ؛ لأنَّه بئس هذه الأشياء التي فَعَلْتُمْ ، وأمركم بها إِيمانُكُم الذي زعمتُمْ في قولكم : { نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا } . وقوله تعالى : { قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلأَخِرَةُ … } الآية : أمر لمحمَّد صلى الله عليه وسلم أنْ يوبِّخهم ، والمعنَىٰ : إِن كان لكم نعيمُهَا وحُظْوَتُهَا ، وخيرها ، فذلك يقتضي حرْصَكُم على الوصُول إِليها ، { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } ، والدَّارُ : اسمُ « كان » ، و « خَالِصَة » : خبرها و { مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ } يحتملُ أن يراد بـــ « النَّاس » : محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم ، ومن تبعه ، ويحتمل أن يراد العموم ، وهذه آية بيِّنة أعطاها اللَّه رسولَهُ محمَّداً صلى الله عليه وسلم ؛ لأن اليهود قالَتْ : { نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] وشبه ذلك من القول ، فأمر اللَّه نبيَّه أن يدعوهم إلى تمنِّي الموت ، وأن يعلمهم أنه من تمنَّاه منهم مات ، ففعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك ، فعلموا صدْقَهُ ، فَأَحْجَمُوا عن تمنِّيه فَرَقاً من اللَّه ؛ لِقبحِ أفعالهم ومعرفتهم بكذبِهم ، وحرصاً منهم على الحَيَاة ، وقيل : إِن اللَّه تعالى منعهم من التمنِّي ، وقصرهم على الإِمساك عنه ؛ لتظهر الآية لنبيِّه صلى الله عليه وسلم . * ت * : قال عِيَاضٌ : ومن الوجوه البَيِّنة في إِعجاز القُرْآن آيٌ وردتْ بتعجيز قومٍ في قضايا ، وإعلامهم أنهم لا يفعلونها ، فما فَعَلُوا ولا قَدَرُوا علَىٰ ذلك ؛ كقوله تعالى لليهود : { قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلأَخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً … } الآية : قال أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَاج في هذه الآية : أعظم حجة ، وأظهر دلالة على صحَّة الرسالة ؛ لأنهُ قال لهم : { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } وأعلمهم أنهم لَنْ يتمنَّوْهُ أبداً ، فلم يتمنَّهُ وَاحِدٌ منهم ، وعن النبيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم " والَّذي نَفُسِي بيَدِهِ ، لا يقولها رجُلٌ منهم إلا غصَّ بِرِيقِهِ " ، يعني : يموتُ مكانه ، قال أبو محمَّدٍ الأصيليُّ : من أَعجب أمرهم ؛ أنَّهُ لا تُوجَدُ منهم جماعةٌ ولا واحدٌ من يومِ أَمَرَ اللَّهُ تعالَىٰ بذلك نبيَّهُ يقدَّم عليه ، ولا يجيب إليه ، وهذا موجودٌ مشاهَدٌ لمن أراد أن يمتحنه منهم . انتهى من « الشِّفَا » . والمراد بقوله : { تَمَنَّواْ } : أريدوهُ بقلوبكم ، واسْألوهُ ، هذا قَوْلُ جماعة من المفسِّرين ، وقال ابن عبَّاس : المراد به السؤالُ فقطْ ، وإِن لم يكن بالقَلْب ، ثم أخبر تعالَىٰ عنهم بعجزهم ، وأنهم لا يتمنَّونه أبداً ، وأضاف ذنوبهم وٱجترامهم إِلى الأيدي ؛ إِذ الأَكْثَرُ من كسب العبد الخير والشرَّ ، إِنما هو بِيَدَيْهِ ، فحمل جميعُ الأشياء على ذلك . وقوله تعالى : { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّـٰلِمينَ } : ظاهره الخبر ، ومضمَّنه الوعيدُ ؛ لأن اللَّه سبحانه عليمٌ بالظالمينَ ، وغيرهمْ ، ففائدة تخصيصهم حصولُ الوعيد .