Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 1-2)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } الزلزلة : التحريكُ العنيف ، وذلك مع نفخة الفزع ، ومع نفخة الصعق ؛ حسبما تضمنه حديثُ أبي هريرة من ثلاث نفخات ، والجمهور على أَنَّ « زلزلة الساعة » هي كالمعهودة في الدنيا إلاَّ أَنَّهَا في غاية الشِّدَّةِ ، واخْتَلَفَ المفسرون في الزلزلة المذكورة ، هل هي في الدنيا على القوم الذين تقوم عليهم القيامة ، أم هي في يوم القيامة على جميع العالم ؟ فقال الجمهور : هي في الدنيا ، والضميرُ في { تَرَوْنَهَا } عائِدٌ عندهم على الزلزلة ، وقوى قولهم أَنَّ الرضاع والحملَ إنما هو في الدنيا ، وقالت فرقة : الزلزلة في يوم القيامة ، والضميرُ عندهم عائد على الساعة ، والذهول : الغفلة عن الشيءِ بطريانِ ما يشغل عنه من هَمِّ أَوْجَعَ أو غيره ؛ قال ابن زيد : المعنى : تترك وَلَدَهَا للكرب الذي نزل بها . قلت : وخَرَّجَ البخاريُّ وغيرُه عن أبي سعيد الخدريِّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يَقُولُ اللّهُ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يا آدمُ ، فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ ، قَالَ : يَا رَبِّ ، وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وتِسْعَةً وتسعينَ إلَى النَّارِ ، وَوَاحِداً إلى الجَنَّةِ ، فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الحَامِلُ حَمْلَهَا ، وَيَشِيبُ الوَلِيدُ ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ ، وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَكِنَّ عَذَابَ اللّهِ شَدِيدٌ " الحديث . انتهى . وهذا الحديث نَصٌّ صريح في أَنه يوم القيامة ، وانظر قوله : { يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } [ المزمل : 17 ] ، وقوله : { وإذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } [ التكوير : 4 ] تجدْهُ موافقاً للحديث ، وجاء في حديث أبي هريرة فيما ذكره علي بن معبد : " أَنَّ نَفْخَةَ الْفَزَعِ تَمْتَدُّ ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَيُسَيِّرُ اللّهُ الجِبَالَ ، فَتَمُرُّ مَرَّ السِّحَابِ ، ثُمَّ تَكُونُ سَرَاباً ، ثُمَّ تَرْتَجُّ الأَرْضُ بأَهْلِهَا رَجّاً ، وَتَضَعُ الحَوَامِلُ مَا فِي بُطُونِهَا ، وَيَشِيبُ الْوُلْدَانُ ، ويُوَلِّي النَّاسُ مُدْبِرِيْنَ ، ثُمَّ يَنْظُرُونَ إلَى السَّمَاءِ ، فَإذَا هِيَ كَالْمُهْلِ ، ثَمَّ انْشَقَّتْ " ، ثُمَّ قَالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم : " وَالْمَوْتَى لاَ يَعْلَمُونَ شَيئاً مِنْ ذَلِكَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولِ اللّهِ ، فَمَنِ اسْتَثْنَى اللّهُ عز وجل حِينَ يَقُولُ : { فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إلاَّ مَنْ شَاءَ اللّهُ } ؟ قال : أولئك هم الشهداء " انتهى مختصراً ، وهذا الحديث ذكره الطبريُّ ، والثعلبي ، وصححه ابن العربي في « سراج المريدين » . وقال عبد الحق : بل هو حديث منقطع ، لاَ يَصِحُّ ، والذي عليه المحققون أنَّ هذه الأهوال هي بعد البعث ، قاله صاحب « التذكرة » وغيره ، انتهى . والحَمْلُ : - بفتح الحاء - ما كان في بطن أو على رأس شجرة . وقوله سبحانه : { وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَـٰرَى } تشبيهاً لهم ، أي : من الهم ، ثم نفي عنهم السُّكَر الحقيقيَّ الذي هو من الخمر ، قاله الحسن وغيره ، وقرأ حمزة والكسائيُّ : « سكرى » في الموضعين . قال سيبويه : وقوم يقولون : سَكْرَىٰ جعلو مثل مرضى ، ثم جعلوا : روبى مثل سكرى ، وهم المستثقلون نوماً من شرب الرائب .