Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 109-118)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله عز وجل : { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا … } الآية الهاء في { إنه } : مُبْهَمَةٌ : وهي ضمير الأمر والشأن ، والفريقُ المُشَارُ إليه : كُلُّ مُسْتَضْعَفٍ من المؤمنين يَتَّفِقُ أنْ تكون حالُه مع كُفَّارٍ مِثلَ هذه الحال ، ونزلت الآية في كُفَّارِ قريشِ مع صُهَيْبٍ ، وعَمَّار ، وبلال ، ونظرائهم ، ثم هي عامة فيمَنْ جرى مجراهم قديماً وبقيةَ الدهر ، وقرأ نافع وحمزة والكسائي : « سُخْرِيّاً » بضم السين ، والباقون بكسرها ؛ فقيل هما بمعنى واحد ؛ ذكر ذلك الطبريُّ . وقال ذلك أبو زيد الأنصاريُّ : إنهما بمعنى الهُزْءِ ، وقال أبو عبيدَة وغيره : إنَّ ضم السين من السخرة والاستخدام ، وكسرها من السخر وهو الاستهزاء ، ومعنى الاستهزاء هنا أليق ؛ أَلاَ ترى إلى قوله : { وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } . وقوله سبحانه : { كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ … } الآية قوله : { فِي ٱلأَرْضِ } . قال الطبريُّ معناه : في الدنيا أحياءَ ، وعن هذا وقع السؤال ، ونَسُوا لفرط هول العذاب حَتَّى قالوا : { يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } ، والغرضُ توقيفهم على أَنَّ أعمارهم قصيرة أَدَّاهُمُ الكُفْرُ فيها إلى عذاب طويل ، عافانا اللّه من ذلك بِمَنِّهِ وكرمه ! . وقال الجمهور : معناه : كم لَبِثْتُمْ في جوف التراب أمواتاً ؟ قال * ع * : وهذا هو الأصوب من حيث أنكروا البعث . وكان قولهم : إنهم لا يقومون من التراب ، وقوله آخراً : { وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } يقتضي ما قلناه . قلت : الآيات محتملة للمعنيين ، واللّه أعلم بما أراد سبحانه ؛ قال البخاريُّ : قال ابن عباس : { فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } أي : الملائكة ، انتهى . * ص * : قرأ الجمهور : « العَادِّينَ » - بتشديد الدال - اسم فاعل من « عَدَّ » ، وقرأ الحسن وفي رواية : « العَادِينَ » بتخفيف الدال ، أي : الظَّلَمَةَ ، و « إنْ » من قوله : { إِن لَّبِثْتُمْ } نافيةٌ ، أي : ما لبثتم إلاَّ قليلاً ، اهـ . و { عَبَثاً } : معناه : باطلاً ، لغير غَايَةٍ مُرَادَةٍ ، وخَرَّجَ أبو نُعَيْمٍ الحافظُ عن حنش الصنعانيِّ عن ابن مسعود " أنه قرأ في أذن مبتلى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً … } إلى آخر السورة ، فأفاق ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ما قرأتَ في أذنه ؟ قال : قرأت : { أَفَحَسِبْتُمْ … } إلى آخر السورة ، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : لَوْ أَنَّ رَجُلاً مُوقِناً قَرَأَهَا عَلَى جَبَلٍ لَزَال " ، انتهى ، وخَرَّجَهُ ابن السُّنِّيُّ أيضاً ، ذكره النووي . وقوله سبحانه : { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } : المعنى : فتعالى اللّه عن مقالتهم في دعوى الشريك والصاحبة والولد ، ثم تَوَعَّدُ سبحانه عَبَدَةَ الأوثان بقوله : { فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ } ، وفي حرف عبد اللّه : « عند ربك » ، وفي حرف أُبَيِّ : « عند اللّه » ثم أَمر تعالى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بالدعاء والذكر له فقال : { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ } .