Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 195-198)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ … } الآية : ٱستَجَابَ بمعنَىٰ أَجَابَ ، رُوِيَ أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ( رضي اللَّه عنها ) قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الرِّجَالَ فِي الْهِجْرَةِ ، وَلَمْ يَذْكُرِ النِّسَاءَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، فَنَزَلَتِ الآيةُ . وهِيَ آية وعدٍ مِنَ اللَّه ، أي : هذا فعلُهُ سبحانه مع الذي يَتَّصِفُونَ بما ذكر ، قال الفَخْر : رُوِيَ عن جعفرٍ الصادِقِ ؛ أنه قال : مَنْ حَزَبَهُ أمْرٌ فقال خَمْسَ مَرَّاتٍ : ربَّنا ـــ أنجاه اللَّه ممَّا يخاف ، وأعطاه ما أراد ، وقرأ هذه الآية ؛ قَالَ : لأنَّ اللَّه تعالَىٰ حكَىٰ عنهم ؛ أنهم قالوا : رَبَّنَا ؛ خَمْسَ مرَّاتٍ ، ثم أخبر أنه ٱستجابَ لَهُم . انتهى . وقوله تعالى : { بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ } ، يعني : في الأجْرِ ، وتقبُّلِ الأعمالِ ، أي : أنَّ الرجَالَ والنساء في ذلك علَىٰ حدٍّ واحدٍ ، قال الفَخْر : قوله سبحانه : { بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ } ، أي : شِبْهُ بَعْضٍ ، أو مثلُ بعضٍ ، والمعنَىٰ : أنه لا تفاوُتَ في الثواب بَيْن الذَّكَر والأنثَىٰ ؛ إذا استَوَوْا في الطَاعة ؛ وهذا يدُلُّ علَىٰ أن الفَضْل في باب الدِّين ، إنما هو بالأعمال ، لا بِسِرِّ صفاتِ العامِلِينَ ؛ لأن كونهم ذكراً أو أنثَىٰ ، أوْ مِنْ نَسَبٍ خسيسٍ أو شريفٍ ـــ لا تأثير له في هذا الباب . انتهى . وبَيَّن سبحانه حَالَ المهاجِرِينَ ، ثم الآيةُ بَعْدُ تنسحبُ علَىٰ كلِّ مَنْ أُوذِيَ في اللَّه ، وهاجر أيضًا إلى اللَّه إلَىٰ يوم القيامة . وقوله سبحانه : { وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ } : عبارةٌ فيها إلزامُ الذَّنْب للكفَّار ، واللامُ في قوله : { لأَكَفّرَنَّ } : لامُ القَسَمِ ، و { ثَوَاباً } : مصدرٌ موكِّد ، وباقي الآية بيِّن . وقوله سبحانه : { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلَـٰدِ … } الآية : نُزِّلَتْ : { لاَ يَغُرَّنَّكَ } في هذه الآيةِ مَنْزِلَةَ : « لا تَظُنَّ » ؛ أنَّ حال الكُفَّار حسنةٌ ، والخطاب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، والمراد أمَّته ، والتقلُّب : التصرُّف في التجاراتِ ، والأرباحِ ، والحُرُوب ، وسائرِ الآمالِ ؛ وقوله : { نُزُلاً } : معناه تَكْرِمَةً . وقوله تعالى : { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ } يحتملُ أن يريد : خَيْرٌ مِمَّا هؤلاءِ فيه ، من التقلُّب والتنعُّم ، ويحتمل أنْ يريد : خَيْرٌ ممَّا هم فيه في الدُّنْيا ، وفي الحديث عَنْه صلى الله عليه وسلم : " الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤْمِنِ ، وَجَنَّةُ الكَافِرِ " قال القاضِي ابْنُ الطَّيِّب : هذا بالإضافة إلى ما يصير إلَيْه كلُّ واحد منْهما في الآخرةِ ، وقيل : المعنَىٰ أنها سِجْنُ المؤمن ؛ لأنها موضعُ تَعَبِهِ في الطاعة .