Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 55-58)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى إِنّي مُتَوَفّيكَ … } الآية : ٱختلف في هذا التِّوفِّي . فقال الرَّبيع : هي وفاةُ نَوْمٍ ، وقال الحَسَن وغيره : هو توفِّي قَبْضٍ وتَحْصِيلٍ ، أي : قابضك منَ الأرْضِ ، ومحصِّلك في السماءِ وقال ابنُ عبَّاس : هي وفاةُ مَوْتٍ ، ونحوه لمالك في « العَتَبِيَّة » ، وقال وهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ : توفَّاه اللَّه بالمَوْتِ ثلاثَ ساعاتٍ ، ورفعه فيها ، ثُمَّ أحياه بعد ذلك ، وقال الفَرَّاء : هي وفاةُ مَوْتٍ ، ولكنَّ المعنَىٰ : إني متوفِّيك في آخر أمْرِكَ عنْد نزولِكَ وقَتْلِك الدَّجَّال ، ففي الكلامِ تقديمٌ وتأخير . قال * ع * : وأجمعتِ الأمة علَىٰ ما تضمَّنه الحديثُ المتواتر ؛ منْ أنَّ عيسَىٰ ـــ عليه السلام ـــ في السَّمَاءِ حَيٌّ ، وأنه يَنْزِلُ في آخِرِ الزَّمَانِ ، فَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ ، وَيُفِيضُ العَدْلَ ، وَيُظْهِرُ هَذِهِ المِلَّةَ مِلَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ؛ ويَححُجُّ البَيْتَ , ويَعْتَمِرُ ، ويَبْقَىٰ في الأَرْضِ أَرْبَعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَقِيلَ : أَرْبَعِينَ سَنَةً ، ثُمَّ يُمَيتُهُ اللَّهُ تَعَالَىٰ . قال * ع * : فقول ابن عباس : هي وفاةُ مَوْتٍ لا بدَّ أنْ يتمِّم إما علَىٰ قول وهْبِ بن مُنَبِّهٍ ، وإما على قول الفَرَّاء . وقوله تعالى : { وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } عبارةٌ عَنْ نَقْلِهِ من سُفْلٍ إلى عُلْو ، وإضافة اللَّه سبحانه إضافةُ تشريفٍ ، وإلا فمعلومٌ أنه سبحانه غَيْرُ متحيِّزٍ في جهةٍ ، { وَمُطَهِّرُكَ } ، أي : مِنْ : دعاوى الكَفَرَةِ ومعاشَرَتِهِمْ . وقوله : { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ } الآية : قال جمهورُ المفسِّرين بعموم اللفظ في المتَّبِعِينَ ، فتدخُلُ في ذلك أمةُ محمَّد صلى الله عليه وسلم ؛ لأنها مُتَّبِعَةٌ لعيسَىٰ ؛ قاله قتادة وغيره ؛ وكذلك قالوا بعموم اللفظِ في الكَافِرِينَ ، فمقتضَى الآيَةِ إعلامُ عيسَىٰ ـــ عليه السلام ـــ ؛ أنَّ أهْلَ الإيمانِ به ، كما يجب ، هم فوق الذين كَفَرُوا بالحُجَّة ، والبُرْهَان ، والعِزِّ والغَلَبَةِ ، ويظْهَرُ منْ عبارة ابن جُرَيْج وغيره ؛ أنَّ المراد المتبعون لَهُ في وقْتِ ٱستنصاره ، وهم الحواريُّون . وقوله تعالَىٰ : { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } خَطَابٌ لعيسَىٰ ، والمرادُ : الإخبار بالقيامة ، والحَشْرِ ، وباقي الآيةِ بيِّن ، وتوفيةُ الأجور هي قَسْم المَنَازِلِ في الجَنَّة ، فذلك هو بحَسَب الأعمال ، وأما نَفْسُ دخولِ الجَنَّةَ ، فبرحْمَةِ اللَّه وتفضُّله سبحانه . وقوله تعالى : { ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَـٰتِ } الآية : « ذَلِكَ » : إشارة إلى ما تقدَّم من الأنباء ، و { نَتْلُوهُ } : معناه : نَسْرُدُهُ ، و { مِنَ ٱلآيَـٰتِ } : ظاهره آيات القُرآن ، ويحتملُ أنْ يريدَ : من المعجزاتِ والمُسْتَغْرَبَاتِ ؛ أن تأتيهم بهذه الغُيُوبِ من قِبَلِنَا ، وبسبَبِ تلاوتنا ، و { ٱلذِّكْرِ } : ما ينزلُ من عند اللَّه . قال ابن عبَّاس : الذِّكْر : القرآن ، و { ٱلْحَكِيمُ } : الذي قد كَمَل في حكمته .