Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 139-142)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَإِنَّ يُونُسَ … } الآية هو يونُسُ بن مَتَّى صلى الله عليه وسلم ، وهُو مِنْ بنِي إسرائيل . وقوله تعالى : { إِذْ أَبَقَ } الآية ، وذلك أنه لما أخْبَرَ قَوْمَهُ بِوقْتِ مجيءِ العذَابِ ، وغَابَ عَنْهُمْ ، ثم إنَّ قَوْمَهُ لَما رَأَوْا مَخَايِلَ العَذَابِ أنابُوا إلى اللَّهِ ، فَقبلَ تَوْبَتَهُمْ ، فلَمّا مَضَى وقتُ العَذَابِ ، وَلَمْ يُصِبْهُمْ ، قال يونسُ : لا أرْجِعُ إليهمْ بِوَجْهِ كَذَّابٍ ، ورُوِي أنَّه كَانَ في سيرَتِهِمْ أَنْ يَقْتُلُوا الكَذَّابَ فَأَبقَ إلى الْفُلْكِ ، أيْ : أَرَادَ الهُرُوبَ ، ودَخَلَ في البَحْرِ ، وعبَّر عَنْ هُرُوبِهِ بالإباقِ مِنْ حَيْثُ [ إنَّه ] فَرَّ عَنْ غَيْرِ إذْنِ مولاهُ ، فَرُوِيَ عَنِ ابنِ مسعودٍ ؛ أنه لمَّا حَصَلَ في السفينةِ ، وأبْعَدَتْ في البحرِ ، رَكَدَتْ وَلَمْ تَجْرِ ؛ وغيرُها من السُّفُن يجري يميناً وشِمالاً ، فقال أهلها إنَّ فينا لصَاحبَ ذَنْبٍ وَبِهِ يَحْبِسُنَا اللَّهُ تعالَىٰ ، فقالُوا : لِنَقْتَرِعْ ، فأَخَذُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْماً ، وَٱقْتَرَعُوا ، فَوَقَعَتِ القُرْعَةُ عَلى يونُسَ ، ثَلاَثَ مراتٍ ، فَطَرَحَ حينَئِذٍ نَفْسَهُ ، والْتَقَمَهُ الحُوتُ ، ورُوي أَنَّ اللَّهَ تعالى أَوْحَى إلى الحوتِ أَني لَمْ أَجْعَلْ يُونُسَ لَكَ رِزْقاً ، وإنما جَعَلْتُ بَطْنَكَ لَه حِرْزاً وسِجْناً ، فهذا مَعْنَىٰ { فَسَـٰهَمَ } . والمُدْحَضُ : المغلوبُ في مُحَاجَّةٍ أوْ مَسَاهَمَةٍ ، وعبارةُ ابنِ العَرَبِيِّ في « الأحكام » : « وأوْحَى اللَّه تعالَىٰ إلى الحُوتِ : إنا لَمْ نَجْعَلْ يونُسَ لَكَ رِزْقاً ، وإنما جعلنا بَطْنَكَ له مَسْجِداً » الحديثَ ، انتهى ، ولَفْظَةُ « مَسْجِدٍ » : أَحْسَنُ من السِّجْنِ ، فَرَحِمَ اللَّهُ عَبداً لَزِمَ الأَدَبَ لا سِيَّمَا مَعَ أنْبِيَائِهِ وأَصْفِيائِه ، والـ « مُلِيمُ » : الّذِي أتَى مَا يُلاَمُ عَلَيه ؛ وبذلك فَسَّر مجاهدٌ وابنُ زيد .