Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 29-33)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ … } ابتداءُ ، ابتداءُ وَصْفِ قِصَّةِ الجِنِّ ووفادتهم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وقد ٱختلفتِ الرُّوَاةُ هِنَا : هَلْ هذا الجِنُّ هُمُ الوَفْدُ أوِ المُتَجَسِّسُونَ ؟ واختلفتِ الرواياتُ أيضاً عنِ ابنِ مَسْعُودٍ وغيرهِ في هذا الباب . والتحرير في هذا أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم جاءه نَفَرٌ من الجِنِّ دون أَنْ يَشْعُرَ بهم ، وهم المتجسِّسون المتفرِّقون من أَجْلِ رَجْمِ الشُّهُبِ الذي حَلَّ بِهِمْ ، وهؤلاءِ هُمُ المرادُ بقوله تعالَىٰ : { قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ … } [ الجن : 1 ] ثم بعد ذلك وفد عليه وَفْدُهُمْ ؛ حَسْبَمَا وَرَدَ في ذلك من الآثار . وقوله : { نَفَراً } يقتضي أَنَّ المصروفين كانوا رجالاً لا أنثى فيهم ، والنَّفَرُ والرَّهْطُ هم : القوم الذين لا أُنْثَىٰ فيهم . وقوله تعالى : { فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ } فيه تَأَدُّبٌ مع العلم ، وتعليم كيف يُتَعَلَّمُ { فَلَمَّا قُضِىَ } أي : فرغ من تلاوة القرآنِ واستماع الجن ، قال جابر بن عبد اللَّه وغيرُه : إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَرَأَعليهم سورة « الرحمٰن » فكان إذَا قال : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 13 ] قالوا : لا بشَيْءٍ مِنْ آلائك نُكَذِّبُ ، رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ ، ولَمَّا وَلَّتْ هذه الجملةُ تفرَّقَتْ على البلاد مُنْذِرَةً لِلْجِنِّ ، وقولهم : { إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـٰباً } يَعْنُونَ : القرآن . * ت * : وقولهم : { مِن بَعْدِ مُوسَىٰ } يحتمل أَنَّهُمْ لم يعلموا بِعِيسَى ؛ قاله ابن عباس ، أوْ أَنَّهم على دِينِ اليهودِ ، قاله عطاء ؛ نقل هذا الثعلبيُّ ، ويحتمل ما تَقَدَّم ذِكْرَه في غير هذا ، وأَنَّهم ذكروا المُتَّفَقَ عليه ، انتهى . { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } وهي التوراة والإنجيل ، وداعي اللَّه هو محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم { وَآمِنُواْ بِهِ } أي : باللَّه { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ … } الآية . * ت * : وذكر الثعلبيُّ خلافاً في مُؤمني الجِنِّ ، هل يُثَابُونَ على الطاعةِ ويدخُلُونَ الجَنَّة ، أو يُجَارُونَ من النار فقطْ ؟ اللَّه أعلم بذلك ، قال الفخر : والصحيحُ أَنَّهم في حُكْمِ بني آدم يستحِقُّون الثوابَ على الطاعة ، والعقابَ على المعصية ، وهو قول مالك ، وابن أبي لَيْلَىٰ ؛ قال الضَّحَّاكُ : يدخلون الجنة ، ويأكلون ويشربون ، انتهى ، وقد تَقَدَّمَ ما نقلناه عن البخاريِّ في سورة الأنعام ؛ أَنَّهُمْ يُثَابُونَ . وقوله سبحانه : { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِىَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ … } الآية : يحتملُ أَنْ يكون مِنْ تمامِ كلام المُنْذِرِين ، ويحتمل أَنْ يكونَ من كلام اللَّه عزَّ وجلَّ ، و « المُعْجِزُ » : الذاهبُ في الأَرض الذي يُعْجَزُ طالِبَهُ ؛ فلا يَقْدِرُ عليه . وقوله سبحانه : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } الضمير لقريش ؛ وذلك أَنَّهم أنكروا البعث وعَوْدَ الأجساد ، وهُمْ مع ذلك معترِفُونَ بأَنَّ اللَّه تعالى خَلَقَ السَّمٰوَاتِ والأَرْضَ ، فَأُقِيمَتْ عليهم الحُجَّةُ مِنْ أقوالهم * ص * : قال أبو حَيَّان : والباء في قوله : { بِقَادِرٍ } زائدةٌ ، ، انتهى .