Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 1-8)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله سبحانه : { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } معناه : قربت الساعة ، وهي القيامة ، وأمرها مجهول التحديد ، وكل ما يُرْوَى في عمر الدنيا من التحديد فضعيف . وقوله : { وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } إخبار عمَّا وقع ؛ وذلك أَنَّ قريشاً سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آيةً فَأَرَاهُمُ اللَّهُ ٱنْشِقَاقَ الْقَمَرِ ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالكُفَّارِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ٱشْهَدُوا . وقوله : { وَإِن يَرَوْاْ } : جاء اللفظ مستقبلاً ، لينتظمَ ما مضى وما يأتي ، فهو إخبار بأنَّ حالهم هكذا . وقوله : { مُّسْتَمِرٌّ } : قال الزَّجَّاجُ : قيل معناه : دائم متمادٍ ، وقال قتادة وغيره : معناه : مارٌّ ذاهب عن قريب يزول ، ثم قال سبحانه على جهة جزم الخبر : { وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } كأَنَّه يقول : وكل شيء إِلى غاية عنده سبحانه ، و { مُزْدَجَرٌ } معناه : موضع زجر . وقوله : { فَمَا تُغْنِـى ٱلنُّذُرُ } : يحتمل أنْ تكون « ما » نافية ، ويحتمل أنْ تكون استفهاميَّة . ثم سَلَّى سبحانه نِبِيَّه ـــ عليه السلام ـــ بقوله : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي : لا تذهب نفسك عليهم حسراتٍ ، وتَمَّ القولُ في قوله : { عَنْهُمْ } ثم ابتدأ وعيدَهم بقوله : { يَوْمَ } والعامل في [ { يَوْمَ } ] قوله { يَخْرُجُونَ } وقال الرُّمَّانِيُّ : المعنى : فتولّ عنهم ، واذكر يوم ، وقال الحسن : المعنى : فتَولَّ عنهم إلى يوم . وقرأ الجمهور : « نُكُرِ » ـــ بضم الكاف ـــ ؛ قال الخليل : النُكُر : نعت للأمر الشديد والرجل الداهية ، وخَصَّ الأبصارَ بالخشوع ، لأَنَّهُ فيها أظهرُ منه في سائر الجوارح ، وكذلك سائر ما في نفس الإنسان من حياء أَو صَلَفٍ أو خوف ونحو ، إِنَّما يظهرُ في الأبصار ، و { ٱلأَجْدَاثِ } : جمع جَدَثٍ وهو القبر ، وشَبَّهَهُمْ سبحانه بالجراد المنتشر ، وقد شبههم سبحانه في آية أخرى بالفراش المبثوث ، وفيهم من كل هذا شَبَهٌ ، وذهب بعض المفسرين إلى أَنَّهم أَوَّلاً كالفراش حين يَمُوجُ بعضُهم في بعض ؛ ثم في رتبة أُخرى كالجراد إذا توجَّهُوا نحو المَحْشَرِ والداعي ، والمُهْطِعُ : المُسْرِعُ في مشيه نحو الشيء مع هَزٍّ ورَهَقٍ ومَدِّ بَصَرٍ نحو المَقْصِدِ ، إِمَّا لخوف ، أو طمع ونحوه ؛ قال أبو حيان : { مُهْطِعِينَ } أي : مسرعين ، وقيل : فاتحين آذانهم للصوت ، انتهى . وَ { يَقُولُ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } لما يرون من مخايل هَوْلِهِ وعلامات مشقته .