Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 62-78)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } قال ابْنُ زَيْدٍ وغيره : معناه أَنَّ هاتين دون تَيْنِكَ في المنزلة والقُرْبِ ، فالأُولَيَانِ للمقرَّبين ، وهاتان لأصْحَابِ اليَمِينِ ، وعن ابن عباس : أَنَّ المعنى : أَنَّهُمَا دونهما في القرب إلى المُنَعَّمِينَ ، وأَنَّهُما أفضلُ من الأُولَيَيْنِ ، قال * ع * : وأكثر الناس على التأويل الأول . * ت * : واختار الترمذيُّ الحكيمُ التأويلَ الثاني ، وأطنب في الاحتجاج له في « نوادر الأصول » له ، وخَرَّجَ البخاريُّ هنا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا … " الحديث ، وفيه : " إنَّ في الجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً ، في كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْل مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ " انتهى ، و { مُدْهَامَّتَانِ } معناه : قد علا لَوْنَهُمَا دُهْمَةٌ وَسَوَادٌ في النَّظْرَةِ والخُضْرَة ، قال البخاريُّ : { مُدْهَامَّتَانِ } : سودَاوَانِ من الرِّيِّ ، انتهى ، والنَّضَّاخَةُ : الفَوَّارَةُ التي يَهِيجُ ماؤُها ، وكَرَّرَ النخلَ والرُّمَّانَ ، وهما من أفضل الفاكهة ؛ تشريفاً لهما ، وقالت أُمُّ سَلَمَةَ : « قلتُ : يا رسول اللَّه ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { خَيْرٰتٌ حِسَانٌ } قالَ : خَيْرَاتُ الأَخْلاَقِ ، حِسَانُ الْوُجُوهِ » وَقُرِىَء شاذّاً : « خَيِّرَاتٌ » ـــ بِشَدِّ الياء المكسورة ـــ . * ت * : وفي « صحيح البخاريِّ » من حديث أنس عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : " لَرَوْحَة في سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ في الْجَنَّةِ أَوْ مَوْضِعُ قَيْدِ سَوْطِهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَوْ أَنَّ ٱمْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ٱطَّلَعَتْ إلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأَتْهُ رِيحاً ، وَلَنَصِيفُهَا عَلَىٰ رَأْسِهَا ـــ يعني الخِمَارَ ـــ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " وقوله سبحانه { مَّقْصُورٰتٌ } أي : محجوبَاتٌ مَصُونَاتٌ في الخيام ، وخيامُ الجَنَّةِ بُيُوتُ اللؤلؤ ، قال عمر بن الخَطَّاب ـــ رضي اللَّهُ عنه ـــ : هي دُرٌّ مُجَوَّفٌ ، ورواه ابن مَسْعَودٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم . قال الداوديُّ : وعن ابن عباس : والخيمة لؤلؤة مجوَّفة فَرْسَخٌ في فَرْسَخٍ ، لها أربعة آلاف مِصْرَاعٍ ، انتهى . و « الرَّفْرَفُ » : ما تَدَلَّىٰ من الأَسِرَّةِ من عالي الثياب والبُسُطِ ، وقاله ابن عَبَّاس وغيره ، وما يتدلَّىٰ حول الخِبَاءِ مِنَ الْخِرْقَةِ الهَفَّافَةِ يُسَمَّى رَفْرَفاً ، وكذلك يُسَمِّيه الناسُ اليومَ ، وقيل غَيْرُ هذا ، وما ذكرناه أصْوَبُ ، والعَبْقَرِيُّ : بُسُطٌ حِسَانٌ ، فيها صُوَرٌ وغَيْرُ ذلك ، تُصْنَعُ بعَبْقَر ، وهو موضعٌ يُعْمَلُ فيه الوشْيُ والدِّيبَاجُ ونحوه ، قال ابن عباس : العَبْقَرِيُّ : الزَّرَابِيُّ ، وقال ابن زيد : هي الطَّنَافِس ، قال الخليل والأصمعيُّ : العَرَبُ إذا استحسنَتْ شيئاً واستجادَتْهُ قالَتْ : عَبْقَرِيٌّ ، قال * ع * : ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في عُمَرَ : " فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ " . وقوله سبحانه : { تَبَـٰرَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِى ٱلْجَلَـٰلِ وَٱلإكْرَامِ } : هذا الموضعُ مِمَّا أُرِيدَ فيه بالاسم مُسَمَّاهُ ، والدعاءُ بهاتَيْنِ الكلمتَيْنِ حَسَنٌ مَرْجُوُّ الإجابةِ ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " أَلِظُّوا بـــ « يَاذَا الْجَلاَلِ وَالإكْرَامِ » "