Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 1-4)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا … } الآية : اختلف الناس في اسم هذه المرأة على أقوال ، واختصار ما رواه ابن عباس والجمهور " أَنَّ أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيَّ ، أخا عبادة بن الصامت ، ظَاهَرَ من امرأته خَوْلَةَ بنت خُوَيْلِدٍ ، وكان الظهارُ في الجاهلية يُوجِبُ عندهم فُرْقَةً مُؤَبَّدَةً ، فلما فعل ذلك أَوسٌ جَاءَتْ زَوْجَتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ أَوساً أَكَلَ شَبَابِي ، وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي ، فَلَمَّا كَبِرْتُ وَمَاتَ أَهْلِي ، ظَاهَر مِنِّي ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : مَا أَرَاكِ إلاَّ حُرِّمْتِ عَلَيْهِ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لاَ تَفْعَلْ ؛ فَإنِّي وَحِيدَةٌ لَيْسَ لِي أَهْلٌ سِوَاهُ ، فَرَاجَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ مَقَالَتِهِ فَرَاجَعَتْهُ ، فَهَذَا هُوَ جِدَالُهَا ، وَكَانَتْ في خِلاَلِ جِدَالِهَا تَقُولُ : اللَّهُمَّ إَلَيْكَ أَشْكُو حَالِي وٱنْفِرَادِي وَفَقْرِي إلَيْهِ " ، وَرُوِيَ أَنَّها كَانَتْ تَقُولُ : " اللَّهُمَّ ، إنَّ لي مِنْهُ صِبْيَةً صِغَاراً ، إنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيْهِ ضَاعُوا ، وَإنْ ضَمَمْتُهُمْ إليَّ جَاعُوا ، فَهَذَا هُوَ ٱشْتِكَاؤُهَا إلَى اللَّهِ ، فَنَزَلَتِ الآيةُ : فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في أَوْسٍ ، وأَمَرَهُ بِالتَّكْفِيرِ ، فَكَفَّرَ بِالإطْعَامِ ، وَأَمْسَكَ أَهْلَهُ " قال ابن العربي في « أحكامه » : والأشبه في اسم هذه المرأة أَنَّها خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ ، امرأةُ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ ، وعلى هذا اعتمد الفخر ؛ قال الفخر : هذه الواقعة تَدُلُّ على أَنَّ مَنِ انقطع رجاؤه من الخلق ، ولم يبق له في مُهِمِّة أحدٌ إلاَّ الخالق ـــ كفاه اللَّهُ ذلك المهم ، انتهى ، والمحاورة : مراجعةُ القولِ ومعاطاته ، وفي مصحف ابن مسعود : « تُحَاوِرُكَ في زَوْجِهَا » والظِّهَارُ : قولُ الرجلِ لامرأته : أنتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، يريد في التحريم ؛ كَأَنَّها إشارة إلى الركوبِ ، إذ عُرْفُهُ في ظهور الحيوان ، وكان أهلُ الجاهلية يفعلون ذلك ، فَرَدَّ اللَّه بهذه الآية على فعلهم ، وأخبر بالحقيقة من أَنَّ الأُمَّ هي الوالدة ، وأَمَّا الزوجةُ فلا يكونُ حكمُهَا حُكْمَ الأُمِّ ، وجعل اللَّه سبحانه القول بالظهار مُنْكَراً وزوراً ، فهو مُحَرَّمٌ ، لَكِنَّهُ إذَا وقع لزم ؛ هكذا قال فيه أهل العلم ، لكنَّ تحريمه تحريمُ المكروهات جدًّا ، وقد رَجَّى اللَّه تعالى بعده بأَنَّهُ عَفُوٌّ غفور مع الكَفَّارَةِ . وقوله سبحانه : { ثُمَّ يَعُودُونَ … } الآية . * ت * : اخْتُلِفَ في معنى العَوْدِ ، والعود في « المُوَطَّإ » : العزم على الوطء والإمساك مَعاً ، وفي « المُدَوَّنَةِ » : العزمُ على الوطء خاصَّةً . وقوله تعالى : { مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } ، قال الجمهور : وهذا عامٌّ في نوع المسيس الوطء والمباشرة ، فلا يجوز لِمُظَاهِرٍ أَنْ يطأَ ، ولا أَنْ يُقَبِّلَ أو يَلْمَسَ بيده ، أو يفعَلَ شيئاً من هذا النوع إلاَّ بعد الكفارة ؛ وهذا قول مالك رحمه اللَّه . وقوله تعالى : { ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ } : إشارة إلى التحذير ، أي : فَعَلَ ذلك ؛ عظةً لكم لتنتهوا عن الظهار . وقوله سبحانه : { فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ } : قال الفخر : الاستطاعة فوق الوسع ؛ والوسع فوق الطاقة ، فالاستطاعة هي أَنْ يتمكَّنَ الإنسان من الفعل على سبيل السهولة ، انتهى ، وفروع الظهار مُسْتَوفَاةً في كتب الفقه ، فلا نطيل بذكرها . وقوله سبحانه : { ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ … } الآية : إشارة إلى الرخصة والتسهيل في النقل من التحرير إلى الصوم والإطعام ، ثم شَدَّدَ سبحانه بقوله : { وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } أي : فالتزموها ، ثم تَوَعَّدَ الكافرين بقوله : { وَلِلكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .