Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 14-15)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّ مِنْ أَزْوٰجِكُمْ } إلى آخر السورةِ قرآنٌ مدنيٌّ واخْتُلِفَ في سَبَبهِ ، فقال عطاء بن أبي ربَاح : إنَّه نَزَلَ في عَوْفِ بن مَالكٍ الأشّجَعِيِّ ؛ وذلك أَنَّهُ أراد غَزْواً مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فاجْتَمَعَ أَهْلُهُ وأولاده ، وتَشَكَّوْا إلَيْه فِرَاقَهُ ، فَرَقَّ لهُمْ فَثَبَّطُوهُ ولم يَغْزُ ، ثم إنّه نَدِمَ وهَمَّ بمعاقبتِهم ، فنزلتِ الآية بسببه محذِّرةً مِن الأَزْوَاجِ والأولاد وفتنتِهم . ثم صَرَفَ تَعالَى عَنْ معاقبتهِم بقوله : { وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ } وقال بعضُ المفسرينَ : سببُ الآيةِ أنَّ قوماً آمنُوا وثَبَّطَهُمْ أزْوَاجُهم وأولادُهم عَنْ الهِجرةِ فَلَمْ يُهَاجِروا إلا بَعْدَ مدةٍ ، فَوَجَدُوا غيرَهم قد تَفَقَّه في الدين ، فَنَدِمُوا وهَمُّوا بمعاقبةِ أزواجِهِم وأولادِهم ، ثم أَخْبَرَ تعالى أن الأمْوَالَ والأولادَ فتنةٌ تَشْغَلُ المرءَ عَنْ مَرَاشِدِهِ ، وتَحْمِلُه مِنَ الرَّغْبَةِ في الدنيا عَلَى مَا لاَ يَحْمَدُه في آخرتِه ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " الوَلَدُ مَبْخَلَةٌ مُجْبَنَةٌ " ، وخَرَّجَ أبو داود حديثاً في مصنفه " أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الجمعةِ عَلى المِنْبَرِ حَتَّى جَاءَ الحَسَنُ والحسينُ عليهما قميصان أحمرانَ يجرانِهما ، يعْثُرَانِ ويَقُومَانِ ، فَنَزَلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنِ المنبرِ حَتَّى أخَذَهُمَا ، وصَعِدَ بِهِمَا ، ثم قَرَأَ : { إِنَّمَا أَمْوٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ … } الآية ، وقَال : إني رأيتُ هذينِ فَلَمْ أصْبِرْ ، ثم أخَذَ في خُطْبَتِهِ " ، قال * ع * : وهذهِ ونحوُها هِي فتنةُ الفُضَلاَءِ ، فأما فتنةُ الجُهَّالِ الفَسَقَةِ ؛ فَمُؤَدِّيَةٌ إلى كلِ فعلٍ مُهْلِكٍ ، وفي صَحِيحَي البخاري ومسلم ، عن أبي ذرٍ قال : انتهيتُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُول : " هم الأخْسَرُونَ ، وَرَبِّ الكَعْبَةِ ، هُمُ الأخْسَرُونَ ، وَرَبِّ الكَعْبَةِ ، قُلْتُ : مَا شَأْنِي أيرى فيَّ شَيْئاً ؟ فَجَلَسْتُ وَهُوَ يَقُولُ ؛ فَمَا ٱسْتَطَعْتُ أنْ أسْكُتَ وتَغَشَّانيَ مَا شَاء اللَّهُ فَقُلْتُ : مَنْ هُمْ بأبي أنتَ وأمي يا رسولِ اللَّهِ ؟ قال : هُمُ الأكْثَرُونَ مَالاً إلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وهَكَذَا وَهَكَذَا " وفي رواية : " إن الأَكْثَرينَ هم الأقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ إلاَّ مَنْ قَال بِالمَالِ ، هَكَذَا وهَكَذَا ، ـــ وأشَارَ ابنُ شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وعن يمينه وعَنْ شماله ـــ ، وقَلِيلٌ مَاهُمْ " انتهى ، واللفظ للبخاريّ .