Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 158-160)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } هذا أمر من اللَّه سبحانه لنبيِّه بإشهار الدعوة العامَّة ، وهذه من خصائصه صلى الله عليه وسلم مِنْ بين سائر الرسُلِ ؛ فإِنه صلى الله عليه وسلم بُعِثَ إِلى الناس كافَّة ، وإِلى الجنِّ ، وكلُّ نبيٍّ إِنما بعث إِلى فرقة دون العُمُوم . وقوله سبحانه : { فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ … } الآية : حَضٌّ على اتباع نبينا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وقوله : { ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَـٰتِهِ } ، أيْ : يصدق باللَّه وكلماته ، والكلماتُ هنا : الآياتُ المنزلة مِنْ عند اللَّه ؛ كالتوراة والإنجيل ، وقوله : و { ٱتَّبِعُوهُ } لفظ عامٌّ يدخل تحته جميعُ إلزامات الشريعة ، جعلنا اللَّه مِنْ متَّبعيه على ما يلزم بمنِّه ورحمته . قُلْتُ : فإِن أردتَّ الفوْزَ أيُّها الأَخُ ، فعَلَيْكَ بٱتباع النبيِّ صلى الله عليه وسلم وتعظيمِ شريعته ، وتعظيم جَمِيعِ أسبابه . قال عِيَاضٌ : وَمِنْ إِعظامه صلى الله عليه وسلم وإِكبارهِ إِعظام جميع أَسبابه وإِكْرَامُ مشاهده وأَمْكِنَتِهِ ، ومعاهِدِهِ ، وما لَمَسَهُ عليه السلام أَوْ عُرِفَ به ، حُدِّثْتُ أن أبا الفَضْل الجوهري ، لمَّا وَرَدَ المدينةَ زائراً ، وقَرُبَ من بيوتها ، ترجَّل ، ومشَىٰ باكياً منشداً : [ الطويل ] @ وَلَمَّا رَأَيْنَا رَسْمَ مَنْ لَمْ يَدَعْ لَنَا فُؤَاداً لِعِرْفَانِ الرُّسُومَ وَلاَ لُبَّا نَزَلْنَا عَنِ الأَكْوَارِ نَمْشِي كَرَامَةً لِمَنْ بَانَ عَنْهُ أَنْ نَلُمَّ بِهِ رَكْبَا @@ وحُكِيَ عن بعض المريدين ؛ أنه لما أشْرَفَ عَلَىٰ مدينة الرسول عليه السلام ، أنشأ يقُولُ : [ الكامل ] @ رُفِعَ الحِجَابُ لَنَا فَلاَحَ لِنَاظِرِي قَمَرٌ تَقَطَّعُ دُونَهُ الأَوْهَامُ وَإِذَا المَطِيُّ بِنَا بَلَغْنَ مُحَمَّداً فَظُهُورُهُنَّ عَلَىٰ الرِّجَالِ حَرَامُ قَرَّبْنَنَا مِنْ خَيْرِ مَنْ وَطِىءَ الحَصَى فَلَهَا عَلَيْنَا حُرْمَةٌ وَذِمَامُ @@ وحُكِيَ عن بعض المشايِخِ ؛ أنه حجَّ ماشياً ، فقيل له في ذلك ، فقال : العَبْدُ الآبِقُ يأتي إلى بيت مولاه راكباً ؟ لو قَدْرَتُ أَنْ أَمْشِيَ عَلَىٰ رأسِي ، ما مَشَيْتُ على قدَمي . قال عياض : وجديرٌ لمواطنَ عُمِرَتْ بالوحْيِ ، والتنزيل ؛ وتردَّد فيها جبريلُ وميكائيل ، وعَرَجَتْ منها الملائكةُ والرُّوح ؛ وضجَّتْ عرصاتها بالتقديس والتسبيح ، واشتملَتْ تربتها عَلَىٰ جَسَد سَيِّد البَشَر ؛ وٱنْتَشَرَ عنْهَا مِنْ دِينِ اللَّه وسنة رسُوله ما ٱنْتَشَرَ ، مدارسُ وآيات ؛ ومَسَاجِدُ وصَلَوَات ؛ ومَشَاهِدُ الفَضَائِلِ والخَيْرَات ؛ ومعاهدُ البراهين والمُعْجِزَات - أنْ تعظَّم عَرَصَاتها ؛ وتُتَنَسَّمَ نفحاتها ؛ وتُقَبَّلَ ربُوعُها وجدراتُها : [ الكامل ] @ يَا دَارَ خَيْر المُرْسَلِينَ ومَنْ بِه هَدْيُ الأَنَام وَخُصَّ بِالآيَاتِ عِنْدِي لأَجْلِكَ لَوْعَةٌ وَصَبَابَةٌ وَتَشَوُّقٌ مُتَوَقِّدُ الجَمَرَاتِ @@ الأبيات . انتهى من « الشفا » . وقوله سبحانه : { وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ } ، أي : يرشدُونَ أنفسهم ، وهذا الكلامُ يحتملُ أنْ يريد به وصْفَ المؤمنين منهم ، علَىٰ عهد مُوسَىٰ ، وما والاَهُ مِنَ الزمَنِ ، فأخبر سبحانه ، أنه كان في بني إسرائيل علَىٰ عتوِّهم وخلافِهِمْ مِنَ ٱهتدَىٰ واتقَىٰ وعَدَلَ ، ويحتمل أنْ يريد الجماعةَ التي آمَنَتْ بنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل ، علَىٰ جهة الاستجلاب لإيمان جميعهم ، وقوله : { أَسْبَاطًا } : بَدلٌ من { ٱثْنَتَىْ } ، والتمييزُ الذي بَيْنَ العَدَدَ محذوفٌ تقديره : ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ فرقةً أو قِطْعَةً أسباطاً . وقوله سبحانه : { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى إِذِ ٱسْتَسْقَـٰهُ قَوْمُهُ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنبَجَسَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْغَمَامَ … } الآية : { ٱنْبَجَسَتْ } : بمعنى ٱنْفَجَرَتْ ، وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المعاني في « البقرة » .