Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 70, Ayat: 5-18)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } أمرٌ للنبيّ صلى الله عليه وسلم بالصبرِ على أذَى قومِه ، والصبرُ الجميلُ الذي لا يَلْحَقُه عَيْبٌ ولا شَكٌّ ولا قِلَّةُ رِضًى ، ولا غيرُ ذلك ، والأمْرُ بالصبرِ الجميلِ مُحْكَمٌ في كل حالة ، أعني : لاَ نَسْخَ فيه ، وقيل : إن الآيةَ نزلتْ قبل الأمْرِ بالقِتَالِ ؛ فهي منسوخة ، * ت * : ولو قيلَ : هذا خطابٌ لجنسِ الإنْسَانِ في شَأْنِ هَوْلِ ذلكَ اليومِ ؛ مَا بَعُدَ . وقوله تعالى : { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } يعني يوم القيامة ، والمهْلُ : عَكَرُ الزَّيْتِ ؛ قاله ابن عباس وغيره ، فَهِي لسوادِها وانكدارِ أَنوارِها ، تشبهُ ذلكَ ، والمهلُ أيضاً : ما أُذِيبَ من فضَّةٍ ونحوها ؛ قاله ابن مسعود وغيره ، والعِهْنُ الصوفُ ، وقيل : هو الصوفُ المصْبُوغ ، أيَّ لَوْنٍ كَانَ ، والحميمُ في هذا الموضع : القريبُ والوَليُّ ، والمعنى : ولا يَسْأَلُهُ نصرةً ولا منفعةً ، ولا يجدُها عنده ، وقال قتادة : المعنى : ولا يَسْأَلُهُ عن حالِه ؛ لأَنَّها ظاهرةٌ قَدْ بَصُرَ كلُّ أحَدٍ حَالَةَ الجميعِ ، وشُغِلَ بنفسهِ ، قال الفخرُ : قوله تعالى : { يُبَصَّرُونَهُمْ } تقول : بَصَّرَني زيدٌ كَذَا ، وبَصَّرَنيِ بِكَذَا ، فإذا بَنَيْتَ الفِعل للمَفْعُولِ وحَذَفْتَ الجارَّ ، قلتَ : بُصِّرْتُ زَيْداً ، وهكذا معنى : { يُبَصَّرُونَهُمْ } وكأَنَّه لما قال : { وَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } قيل : لعله لاَ يُبْصِرُه ؛ فَقَال : { يُبَصَّرُونَهُمْ } ولَكِنْ لاِشْتِغَالِهم بأنفسِهم لا يَتَمَكَّنُونَ من تساؤلهِم ، انتهى ، وقرأ ابن كثير بخلافٍ عنه : « ولاَ يُسْئَلُ » عَلَى بِنَاءِ الفعلِ للمفعول ، فالمعنى : وَلاَ يُسْأَلُ إحْضَارَهُ ؛ لأنَّ كلَّ مُجْرِمٍ له سِيمَا يُعْرَفُ بها ، كما أنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ لَهُ سِيمَا خَيْرٍ ، والصَّاحِبَةُ هنا : الزوجةُ ، والفصيلة هنا : قرابَةُ الرجل . وقوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ } ردُّ لما وَدُّوه ، أي : ليس الأَمْرُ كذلك ، و « لَظَى » طَبَقَةٌ مِنْ طبقاتِ جهنم ، والشَّوَى جلدُ الإنسانِ وقيل : جلدُ الرأس . { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } يريدُ الكفارَ ، قال ابن عباس وغيره : تدعوهُم بأسمائهم وأسماء آبائهم ، { وَجَمَعَ } أي جمعَ المالَ و { فَأَوْعَىٰ } جَعَلَه في الأوْعِية ، أي : جمعُوه من غيرِ حلٍّ ومَنَعُوه من حقوقِ اللَّهِ ، وكان عبدُ اللَّهِ بن عكيم لاَ يَرْبِطُ كيسَه ، ويقول : سمعتُ اللَّهُ تعالى يقول : { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } .