Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 50-56)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى في صفة الكفار المعرضين : { كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ } إثبات لجهلهم ؛ لأَنَّ الحمر من جاهل الحيوان جدًّا ، وفي حَرْفِ ابن مسعود : « حُمُرٌ نَافِرَةٌ » قال ابن عباس وأبو هريرة وجمهور من اللغويين : القسورة : الأسد ، وقيل غير هذا ، { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ } أي : من هؤلاء { أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } أي : يريد كل إنسان منهم أنْ ينزل عليه كتاب من اللَّه ، ومنشرة ، أي : منشورة غير مطوية . وقوله : { كَلاَّ } رَدٌّ على إرادتهم ، أي : ليس الأمر كذلك ، ثم قال : { بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلأَخِرَةَ } المعنى : هذه هي العلة والسبب في إعراضهم ، فكان جهلهم بالآخرة سَبَبَ امتناعهم من الهدى حتى هلكوا ، ثم أعاد تعالى الرد والزجر بقوله : { كَلاَّ } وأخبر أنَّ هذا القولَ والبيانَ وهذه المحاورة بجملتها { تَذْكِرَةٌ } { فَمَن شَاءَ } : ووفقه اللَّه لذلك ، ذَكَرَ معادَه ؛ فعمل له ، ثم أخبر سبحانه أنَّ ذكر الإنسان مَعَادَهُ وجريَه إلى فلاحه ؛ إنَّما هو كله بمشيئة اللَّه تعالى ، وليس يكون شيء إلاَّ بها ، وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن كثير : « يَذْكُرُونَ » بالياء من تحت . وقوله سبحانه : { هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ } خبر جزم معناه : أَنَّ اللَّه عز وجل أَهْلٌ بصفاته العُلَى ونِعَمِهِ التي لا تُحْصَىٰ لأَنْ يُتَّقَىٰ ويُطَاعَ أمره ، ويُحْذَرَ عصيانه ، وأَنَّه بفضله وكرمه أَهْلٌ أنْ يَغْفِرَ لعبادِهِ إذا ٱتَّقَوْهُ ؛ رَوَى ابْنُ مَاجَه عن أنَسٍ : " أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ هَذِهِ الآية : { هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ } فَقَالَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَىٰ ، فَلاَ يُجْعَلَ مَعِيَ إلٰهٌ آخَرُ ، فَمَنِ اتَّقَانِي فَلَمْ يَجْعَلْ مَعِيَ إلَهاً آخَرَ ، فَأَنَا أَهْلٌ أنْ أَغْفِرَ لَهُ " وأخرجه أبو عيسى الترمذي بمعناه ، وقال : حديث حسن ، انتهى .