Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 75, Ayat: 1-9)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ * وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } هذه قراءة الجمهور ، وقرأ ابن كثير : « لأُقْسِمُ بِيَومِ الْقِيَامَةِ وَلأُقْسِمُ » فقيل : على قراءة الجمهور « لا » زائدة ، وقال الفَرَّاءُ : « لا » نفيٌ لكلام الكفار ، وزجر لهم ، ورَدٌّ عليهم ، وجمهور المتأوِّلين على أَنَّ اللَّه تعالى أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة ، أقسم سبحانه بيوم القيامة ؛ تنبيهاً منه على عِظَمِهِ وهوله ؛ قال الحسن : النفس اللَّوَّامَةُ : هي اللوامة لصاحبها في ترك الطاعة ونحو ذلك ، فهي على هذا ممدوحة ؛ ولذلك أقسم اللَّه بها ، وقال ابن عباس وقتادة : اللوامة : هي الفاجرة ، اللوامة لصاحبها على ما فاته من سعي الدنيا وأعراضها ، وعلى هذا التأويل يحسن نفي القسم بها ، والنفس في الآية اسم جنس . قال * ع * : وكل نفس متوسطة ليست بالمُطْمَئِنَّةِ ولا بالأَمَّارَةِ بالسوء فإنَّها لوَّامة في الطرفين ، مرةً تلوم على ترك الطاعة ، ومرةً تلوم على فوت ما تشتهي ، فإذا اطمأنَّتْ خلصت وصفت ، قال الثعلبيُّ : وجواب القسم محذوف تقديره : لَتُبْعَثُنَّ ، دَلَّ عليه قوله : { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } أي : للإحياء والبعث ، والإنسان هنا الكافر المُكَذِّبُ بالبعث ، انتهى ، والبنان : الأصابع ، و { نُّسَوِّىَ بَنَانَهُ } معناه : نتقنها سَوِيَّةً ؛ قاله القتبي ، وهذا كله عند البعث ، وقال ابن عباس وجمهور المفسرين : المعنى : بل نحن قادرون أنْ نسوي بنانه ، أي : نجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحداً كَخُفِّ البعير أو كحافر الحمار ، لا يمكنه أنْ يعمل بها شيئاً ، ففي هذا تَوَعُّدٌ ما ، والقول الأول أجرى مع رصف الكلام . { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَـٰنُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } معناه : أنَّ الإنسان إنَّما يريد شهواتِهِ ومعاصِيَه ؛ ليمضيَ فيها أبداً راكباً رأسه ، ومطيعاً أمله ، ومُسَوِّفاً توبته ؛ قال البخاريُّ : { لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } يقول : سوف أتوب ، سوف أعمل ، انتهى . قال الفخر : قوله : { لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } فيه قولان : الأَوَّل : ليدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان ، لا ينزع عنه ؛ فَعَنِ ابن جُبَيْرٍ : يقدم الذنب ، ويُؤَخِّرُ التوبة ، يقول : سوف أتوب ، سوف أتوب حتى يأتيه الموت على شر أحواله وأسوإ أعماله . القول الثاني : { لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } أي : يُكَذِّبُ بما أمامه من البعث والحساب ؛ لأَنَّ من كذب حَقًّا كان مفاجراً ، والدليل على هذا القول قوله تعالى : { يَسْـئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي : متى يكون ذلك ؛ تكذيباً له ، انتهى . وسؤال الكفار { أَيَّانَ } هو على معنى التكذيب والهزء ، و { أَيَّانَ } بمعنى : متى ، وقرأ نافع وعاصم بخلافٍ : « بَرَقَ الْبَصَرُ » ـــ بفتح الراء ـــ بمعنى : لَمَعَ وصار له بريق ، وحار عند الموت ، وقرأ أبو عمرو وغيره بكسرها بمعنى : شَخَصَ ، والمعنى متقارب ، قال مجاهد : هذا عند الموت ، وقال الحسن : هذا في يوم القيامة ، قال أبو عبيدة وجماعة من اللغويين : الخسوف والكسوف بمعنى واحد ، وقال ابن أبي أُوَيْسٍ : الكسوف : ذهابُ بعض الضوء ، والخسوف : ذهاب جميعه ، وروى عروة وسفيان أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لاَ تَقُولُوا كَسَفَتِ الشَّمْسُ ، وَلَكِنْ قُولُوا : خَسَفَتْ " وقرأ ابن مسعود : « وَجُمِعَ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ » واختلف في معنى الجمع بينهما فقال عطاء : يجمعان فيقذفان في النار ، وقيل : في البحر فيصيرا نارَ اللَّه العُظْمَى ، وقيل : يُجْمَعُ الضَّوْءانِ فيذهب بهما ؛ قال الثعلبيُّ : وقال علي وابن عباس : يجعلان في نور الحجب ، انتهى .