Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 119-121)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } هذا الأمر بالكوْن مع الصَّادقين حَسَنٌ بعد قصَّة الثلاثة حين نَفَعَهم الصِّدْق ، وذَهَبَ بهم عَنْ منازل المنافقين ، وكان ابنُ مسعودٍ يتأوَّل الآية في صِدْق الحديث ، وإِليه نحا كَعْبُ بنُ مالك . وقوله سبحانه : { مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ ٱلأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ … } الآية ؛ هذه الآية معاتبةٌ للمؤمنين من أهل يَثْرِبَ وقبائل العرب المُجَاورة لها ، على التخلُّف عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ ، وقُوَّةُ الكلام تعطي الأمر بِصُحْبَتِهِ أَيْنَ ما توجَّه غازياً وبَذْلِ النفوس دونه ، و « المخُمَصَة » مَفْعَلَةٌ من خُمُوص البَطْنِ ، وهو ضُمُوره وٱستعير ذلك لحالة الجُوع ، إِذ الخُمُوص ملازمٌ له ، ومن ذلك قولُ الأَعْشَى : [ الطويل @ تَبِيتُونَ في المَشْتى مِلاَءً بُطُونُكُمْ وَجَارَاتُكُمْ غَرْثَى يَبِتْنَ خَمَائِصَا @@ وقوله : { وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً } : لفظٌ عامٌّ لقليلِ ما يصنعه المؤمنون بالكَفَرةِ - من أخْذ مالٍ ، أو إِيراد هوانٍ - وكثيره و { نَّيْلاً } : مصدر نَالَ يَنَالُ ؛ وفي الحديث : " مَا ٱزْدَادَ قومٌ مِنْ أَهْلِيهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بُعْداً إِلاَّ ٱزْدَادُوا مِنَ اللَّهِ قُرْباً " . * ت * : وروى أَبو داود في « سننه » ، عن أبي مالكٍ الأشعريِّ ، قالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مَنْ فَصَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَمَاتَ ، أَوْ قُتِلَ ، فَهُوَ شَهِيدٌ ، أَوْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَعِيرُهُ أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ ، أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ بِأَيِّ حَتْفٍ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ ، وإِنَّ لَهُ الْجَنَّةَ " ، انتهى . قال ابنُ العربي في « أحكامه » : قَوْلُه عزَّ وجلَّ : { وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ } : يعني إِلاَّ كُتِبَ لهم ثوابُهُ ، وكذلك قال في المجاهد : « إِنَّ أَرْوَاثَ دَوَابِّهِ وأَبْوَالَهَا حَسَنَاتٌ له » وَكَذَلِكَ أَعطَى سبحانه لأَهْل العُذْر من الأجر ما أعطَى للقويِّ العاملِ بفضله ، ففي الصحيح ، بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في هذه الغزوة بعينها : « إِنَّ بِالمَدِينَةِ قَوْماً مَا سَلَكْتُمْ وَادِياً وَلاَ قَطَعْتُمْ شِعْباً إِلاَّ وَهُمْ مَعَكُمْ حَبَسَهُمُ العُذْرُ » انتهى .