Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 80-81)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } : المعنى : أَنَّ اللَّه خَيَّر نبيَّه في هذا ، فكأنه قال له : إِن شئْتَ فٱستغفر لهم ، وإِن شئت لا تستغفر ، ثم أعلمه أنَّه لا يغفِرُ لهم ، وإِن ٱستغْفَرَ سبعين مرَّةً ، وهذا هو الصحيحُ في تأويل الآية ، لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم لعمر : " إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَيَّرَنِي فَٱخْتَرْتُ ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنِّي إِذَا زِدتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُمْ لَزِدْتُ … " الحديث ، وظاهرُ لفْظِ الحديثِ رفْضُ إِلزام دليل الخطَاب ، وظاهرُ صلاته صلى الله عليه وسلم عَلَى ٱبْنِ أُبَيٍّ أَنَّ كُفْره لم يكنْ يقيناً عنده ، ومحالٌ أَنْ يُصلِّيَ على كافرٍ ، ولكنه راعى ظواهره من الإِقرار ووَكَلَ سريرته إِلى اللَّه عزَّ وجلَّ ، وعلَى هذا كان سَتْرُ المنافقين ، وإِذا ترتَّب كما قلنا التخييرُ في هذه الآيةِ ، صَحَّ أَنَّ ذلك التخييرَ هو الَّذِي نُسِخَ بقوله تعالى في « سورة المنافقين : [ 6 ] » : { سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } * ت * : والظاهر أن الآيتين بمعنًى ، فلا نَسْخ ، فتأمَّله ، ولولا الإِطالة لأَوْضَحْت ذلك . قال * ع * : وأما تمثيله بالسبعين دُونَ غيرها من الأعدادِ ، فلأَنه عددٌ كثيراً مَّا يجيءُ غايةً ومقنعاً في الكَثْرة . وقوله : { ذَٰلِكَ } إِشارة إِلى ٱمتناع الغُفْرَانِ . وقوله عزَّ وجلَّ : { فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَـٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ … } الآية : هذه آية تتضمَّن وصف حالِهِمْ ، على جهة التوبيخ ، وفي ضمنها وعيدٌ ، وقوله : { ٱلْمُخَلَّفُونَ } : لفظٌ يقتضي تحقيرَهُم ، وأنهم الذين أبعدهم اللَّه مِنْ رضاه و « مقْعَد » : بمعنى القُعُود ، و « خِلاَف » : معناه : « بَعْدَ » ؛ ومنه قولُ الشاعر : [ الطويل ] @ فَقُلْ لـلَّـذِي يَبْغِي خِلاَفَ الَّذِي مَضَى تَأَهَّبْ لأُخْرَى مِثْلِهَا فَكَأَنْ قَد @@ يريد : بعد الذي مَضَى . وقال الطبريُّ : هو مصدرُ : خَالَفَ يُخَالِفُ ، وقولهم : { لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ } : كان هذا القول منهم ؛ لأن غزوة تبوك كَانَتْ في شدَّة الحَرِّ وطِيب الثمار .